للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تمنع إمكان التصوير. انتهى (١).

وقوله: (غُرِّ الذُّرَى) الْغُرّ: بضم المعجمة: جمع أَغَرّ، والأغرّ: الأبيض، والذُّرَى: بضم المعجمة، والقصر: جمع ذُروة، وذروة كل شيء أعلاه، والمراد هنا أسنمة الإبل، ولعلها كانت بيضاء حقيقةً، أو أراد وصفها بأنها لا علة فيها، ولا دَبَرَ، ويجوز في "غُرّ" النصب والجر.

(قَالَ) أبو موسى (فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: أَغْفَلْنَا رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَمِينَهُ) قال النوويّ رحمه الله: "أغفلنا" بإسكان اللام؛ أي: جعلناه غافلًا، ومعناه: كنّا سبب غفلته عن يمينه، ونسيانه إياها، وما ذَكَّرناه إياها؛ أي: أخذنا ما أخذنا، وهو ذاهلٌ عن يمينه. انتهى (٢). (لَا يُبَارَكُ لَنَا) ببناء الفعل للمفعول؛ أي: لا يبارك الله تعالى لنا فيما أعطانا بسبب إغفالنا له (فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ) -صلى الله عليه وسلم- (فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا أتيْنَاكَ نَسْتَحْمِلُكَ، وَإِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لَا تَحْمِلَنَا، ثُمَّ حَمَلْتَنَا، أفَنَسِيتَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "إِنِّي وَاللهِ -إِنْ شَاءَ اللهُ- لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ)؛ أي: على شيء محلوف عليه (فَأَرَى غَيْرَهَا)؛ أي: غير تلك اليمين، وأنّت الضمير؛ لأن اليمين مؤنّثة، كما تقدّم تحقيقه أول "كتاب الأيمان" (خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أتيْتُ)؛ أي: فعلت الأمر (الَّذِي هُوَ خَيْرٌ) وقوله: (وَتَحَلَّلْتُهَا) قال في "الفتح": كذا في رواية حماد، وعبد الوارث، وعبد الوهاب، كلهم عن أيوب، ولم يذكر في رواية عبد السلام: "وتحللتها"، وكذا لم يذكرها أبو السَّلِيل، عن زهدم، عند مسلم، ووقع في رواية غَيْلان، عن أبي بردة: "إلا كَفَّرت عن يميني"، بدل "وتحللتها"، وهو يُرَجِّح أحد احتمالين أبداهما ابن دقيق العيد، ثانيهما: إتيان ما يقتضي الحنث، فإن التحلل يقتضي سبق العقد، والعقد هو ما دلت عليه اليمين، من موافقة مقتضاها، فيكون التحلل الإتيانَ بخلاف مقتضاها، لكن يلزم على هذا أن يكون فيه تكرارٌ؛ لوجود قوله: "أتيت الذي هو خير"، فإن إتيان الذي هو خير تحصل به مخالفة اليمين، والتحلل منها، لكن يمكن أن تكون فائدته التصريح بالتحلل، وذَكَرَه بلفظ يناسب الجواز صريحًا؛ ليكون أبلغ مما لو ذَكَره بالاستلزام.


(١) "الفتح" ١٢/ ٤٩٧ رقم (٥٥١٧ و ٥٥١٨).
(٢) "شرح النوويّ" ١١/ ١١٢.