للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وتعقّبه الحافظ، فقال: والجواز ظاهر، وأما كونه لا ينقص الزهد، ففيه وقفةٌ. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أنه لا وقفة في ذلك؛ فإن أفضل الزاهدين، وهو النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان يفعله، فإنه قد أكل الطيّبات، من لحم الدجاج وغيره، وكان يُخدَم، ويُنقَل الطعام إليه، فهل نقص زهده بذلك؟، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

(فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا، فَقَذِرْتُهُ) بكسر الذال المعجمة؛ أي: كرِهته، والْقَذَرُ بفتحتين: الوَسَخ، وهو مصدر قَذِر الشيءُ، فهو قَذِر، من باب تَعِبَ: إذا لم يكن نظيفًا، وقَذِرته، من باب تَعِبَ أيَضًا، واستقذرته، وتقذّرته: كَرِهته لوسَخه، وأقذرته بالألف: وجدتُهُ كذلك، قاله الفيّوميّ (٢).

وقال في "الفتح": قوله: "إني رأيته يأكل شيئًا، فقذِرته" بكسر الذال المعجمة، وفي رواية أبي عوانة: "إنى رأيتها تأكل قَذِرًا"، وكأنه ظن أنها أكثرت من ذلك، بحيث صارت جلّالةً، فَبَيَّن له أبو موسى أنها ليست كذلك، أو أنه لا يلزم من كون تلك الدجاجة التي رآها كذلك، أن يكون كل الدجاج كذلك. انتهى (٣).

(فَحَلَفْتُ أَنْ لَا أَطْعَمَهُ، فَقَالَ) أبو موسى (هَلُمَّ، أُحَدِّثْكَ عَنْ ذَلِكَ) بجزم "أُحَدّث" على أنه جواب الأمر (إِنِّي أتَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي رَهْطٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ)؛ أي: نطلب منه الْحُملان (فَقَالَ: "وَاللهِ لَا أحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ"، فَلَبِثْنَا مَا شَاءَ اللهُ، فَأُتِيَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بِنَهْبِ إِبِلٍ) قال أهل اللغة: النَّهْبُ: الغنيمة، وهو بفتح النون، وجمعه نِهابٌ، بكسرها، ونُهُوب بضمّها، وهو مصدر، بمعنى المنهوب، كالخلق بمعنى المخلوق، قاله النوويّ رحمه الله (٤).

وقال الفيّوميّ رحمه الله: نَهَبْتُهُ نَهْبًا، من باب نَفَعَ، وانْتَهَبْتُهُ انْتِهَابًا، فهو


(١) "الفتح" ١٥/ ٤٠٦.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٩٤.
(٣) "الفتح" ١٢/ ٤٩٧، كتاب "الذبائح والصيد" رقم (٥٥١٧).
(٤) "شرح النوويّ" ١١/ ١١٢.