للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن العرب أماتت ماضيه، ومصدره، واسم الفاعل منه، لكن الصواب أن ماضيه مستعمل، وقد قُرئ {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} [الضحى: ٣] بالتخفيف، ومنه هذا الحديث، وحديث: "لينتهيَنَّ أقوام عن وَدْعِهم الجمعة" (١)، وقد سبق تحقيق هذا مستوفًى (لَهُمْ) أي للمشركين (شَاذَّةً) هكذا معظم النسخ، ووقع في النسخة التي شرحها الأبيّ بلفظ: "شاذّة، ولا فاذّة"، فزاد "فاذّة"، وكذا هو في "مستخرج أبي نُعيم"، وهو الذي في "صحيح البخاريّ".

قال القاضي عياضٌ رحمه الله تعالى: "الشّاذّ": الخارج عن الجماعة، والشاذّ: المتفرّق أيضًا، و"الفاذّ": الفرد، ومعناه لا يخلُص منه مَن خَرَج وفَرّ، وأنّث الكلمة على معنى النسمة، أو تشبيه الخارج بشاذّ الغنم وفاذّتها، وهو بمعنى متَقَصٍّ للقتل، حتى لا يدع أحدًا على طريق المبالغة، قال ابن الأعرابيّ: يقال: فلان لا يدع شاذّةً ولا فاذّةً إذا كان شُجاعًا، لا يلقاه أحد إلَّا قتله. انتهى كلام القاضي (٢).

وقال في "الفتح": "الشاذّة" - بتشديد الذال المعجمة -: ما انفرد عن الجماعة، و"الفاذّة" - بالفاء - مثله، ما لَمْ يَختَلِط بهم، ثم هما صفة لمحذوف: أي نَسَمَةً، والهاء فيهما للمبالغة، والمعنى: أنه لا يَلْقَى شيئًا إلَّا قتله، وقيل: المراد بالشاذّ والفاذّ: ما كَبُرَ وصَغُرَ، وقيل: الشاذّ: الخارج، والفاذّ: المنفرد، وقيل: هما بمعنًى، وقيل: الثاني إتباع. انتهى (٣).

(إِلَّا اتَّبَعَهَا) وقوله: (يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ) جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل (فَقَالُوا) أي الصحابة الحاضرون، وفي رواية للبخاريّ: "فقال": أي قائل، وفي رواية الكشميهني: "فقلتُ" بضمير المتكلّم، قال في "الفتح": فإن كانت محفوظةً عُرِف اسم قائل ذلك. انتهى (٤).


(١) هو ما يأتي للمصنّف رحمه الله تعالى:
(٨٦٥) من طريق الْحَكَم بن مِيناء: أن عبد الله بن عمر، وأبا هريرة حدثاه، أنهما سمعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على أعواد منبره: "لَيَنْتَهِيَنَّ أقوام عن وَدْعِهم الجمعات، أو لَيَخْتِمَنَّ الله على قلوبهم، ثم لَيَكُونُنَّ من الغافلين".
(٢) "إكمال المعلم" ١/ ٤٧٣ - ٤٧٤.
(٣) "الفتح" ٧/ ٥٤٠.
(٤) "الفتح" ٧/ ٥٤٠.