للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يظهر لي أن قصّة سهل - رضي الله عنه - هذه غير قصّة أبي هريرة - رضي الله عنه - التي قبلها، كما لا يخفى ذلك على من تأمّل سياقهما، وأما الجمع بينهما بالتأويل فتكلّفٌ ظاهر، لا داعي إليه، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

(فَاقْتَتَلُوا) أي المسلمون، والمشركون، أي قتل بعضهم بعضًا.

[تنبيه]: قال المجد رحمه الله تعالى: تقاتلوا، واقتتلوا بمعنًى، ولم يُدغم؛ لأن التاء غير لازمة، ويقال أيضًا: قَتَّلُوا يُقَتِّلُونَ بنقل حركة التاء إلى القاف فيهما، وبحذف الألف؛ لأنَّها مُجْتَلَبَةٌ للسكون، والفاعل من الأول: مُقَتِّلٌ، ومن الثاني: مُقِتِّلٌ - بكسر القاف - وأهل مكة يقولون: مُقُتِّلٌ، يُتْبِعُون الضمَّةَ الضمَّةَ. انتهى (١).

(فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عَسْكَرِهِ) أي رجع بعد فراغ القتال في ذلك اليوم (وَمَالَ الْآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ) قال النوويّ رحمه الله تعالى: اسمه قُزْمان، قاله الخطيب البغداديّ، قال: وكان من المنافقين. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": وقع في كلام جماعة ممن تكلم على هذا الكتاب أن اسمه قُزْمَان - بضم القاف، وسكون الزاي - الظُّفْريّ - بضم المعجمة، والفاء -: نسبة إلى بني ظُفْر بطن من الأنصار، وكان يُكنى أبا الْغَيْدَاق - بمعجمة مفتوحة، وتحتانية ساكنة، وآخره قاف - وَيعكُر عليه ما تقدم (٣). انتهى (٤).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أما على دعوى اتّحاد القصّتين فلا يُشكل، وأما على اختلافهما، وهو الذي رجّحته فيما مرَّ آنفًا، فلا يصحّ كونه قُزمان، فتأملّه، والله تعالى أعلم.

(لَا يَدَعُ) بفتح أوله، وثانيه، مضارع وَدَعَ، وقد زعم بعض أهل النحاة:


(١) "القاموس المحيط" ص ٩٤٢ - ٩٤٣.
(٢) "شرح النوويّ" ٢/ ١٢٣.
(٣) لعله أراد قوله فيما سبق: إنه من طريق الواقدي، وهو لا يُحتجّ به، أو أراد ما سبق من الخلاف: هل قصّة سهل هذه هي قصة أبي هريرة الماضية أم لا؟.
(٤) "الفتح" ٧/ ٥٣٩.