للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيها، دون ما نقص عنها، ولأنها قدر تجب الزكاة فيه، فلم يجز بيعه عرية، كالزائد عليها.

فأما قولهم: أرخص في العرية مطلقًا، فلم يثبت أن الرخصة المطلقة سابقة على الرخصة المقيدة، ولا متأخرة عنها، بل الرخصة واحدة، رواها بعضهم مطلقة، وبعضهم مقيدة، فيجب حمل المطلق على المقيد، ويصير القيد المذكور في أحد الحديثين، كأنه مذكور في الآخر، ولذلك يقيد فيما زاد على الخمسة اتفاقًا. انتهى كلام ابن قُدامة رحمه الله (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما ذهب إليه أحمد، وجماعة من تقديره بأقل من خمسة أوسق، هو الأرجح؛ لوضوح حجته، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثامنة): في اختلاف أهل العلم في أنه هل يجوز أن يشتري أكثر من خمسة فيما زاد على صفقة؟

قال ابن قدامة رحمه الله: لا يجوز أن يشتري أكثر من خمسة أوسق، فيما زاد على صفقة، سواء اشتراها من واحد، أو من جماعة، وقال الشافعي: يجوز للإنسان بيع جميع ثمر حائطه عرايا، من رجل واحد، ومن رجال في عقود متكررة؛ لعموم حديث زيد، وسهل، ولأن كل عقد جاز مرة، جاز أن يتكرر، كسائر البيوع.

ولنا أن النهي عن المزابنة عامّ، استُثنِيَ منه العرية، فيما دون خمسة أوسق، فما زاد يبقى على العموم في التحريم؛ ولأن ما لا يجوز عليه العقد مرة، إذا كان نوعًا واحدًا، لا يجوز في عقدين، كالذي على وجه الأرض، وكالجمع بين الأختين، فأما حديث سهل، فإنه مقيد بالنخلة والنخلتين، بدليل ما روينا، فيدل على تحريم الزيادة عليهما، ثم إن المطلق يُحْمَل على المقيد، كما في العقد الواحد. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما ذهب إليه الحنبليّة من عدم جواز أكثر من خمسة أوسق مطلقًا هو الأرجح؛ لوضوح حجته، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "المغني" ٦/ ١٢١ - ١٢٢.