للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"الصحيحين"، وفي سنن أبي داود، والنسائيّ من حديث خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه؛ أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّص في العرايا بالتمر والرطب، فتمسك بذلك بعضهم على جواز بيع الرطب على النخل برطب على الأرض، أو على النخل، وسياتي تمام البحث فيه (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في تفسير العَرَايا:

قال الإمام البخاريّ رحمه الله: أباب تفسير العَرَايا،: وقال مالك: العَرِية أن يُعرِي الرجلُ الرجلَ النخلةَ، ثم يتأذى بدخوله عليه، فرخّص له أن يشتريها منه بتمر، وقال ابن إدريس: العرية، لا تكون إلا بالكيل من التمر، يدًا بيد، لا يكون بالْجِزاف، ومما يقويه: قول سهل بن أبي حَثْمة: "بالأوسق الموسقة"، وقال ابن إسحاق في حديثه، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: كانت العرايا، أن يُعري الرجل في ماله النخلة والنخلتين، وقال يزيد، عن سفيان بن حسين: العرايا نخل، كانت توهب للمساكين، فلا يستطيعون أن ينتظروا بها، فرُخِّص لهم أن يبيعوها بما شاؤوا من التمر.

ثم أخرج بسنده عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن زيد بن ثابت - رضي الله عنهم -؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رَخَّص في العرايا أن تباع بخرصها كيلًا، قال موسى بن عقبة: والعرايا نخلات معلومات، تأتيها فتشتريها. انتهى.

قال في "الفتح": قوله: وقال مالك: العرية أن يُعريَ الرجل الرجل النخلة؛ أي: يهبها له، أو يهب له ثمرها، ثم يتأذى بدخوله عليه، فرُخّص له؛ أي: للواهب أن يشتريها؛ أي: يشتري رُطَبَها منه؛ أي: من الموهوبة له بتمر؛ أي: يابس.

وهذا التعليق وصله ابن عبد البر من طريق ابن وهب، عن مالك. وروى الطحاويّ من طريق ابن نافع، عن مالك؛ أن العرية: النخلة للرجل في حائط غيره، وكانت العادة أنهم يَخرُجون بأهليهم في وقت الثمار إلى البساتين، فيَكرَه صاحب النخل الكثير، دخول الآخر عليه، فيقول له: أنا أعطيك بخرص نخلتك تمرًا، فرُخِّص له في ذلك.


(١) "طرح التثريب" ٦/ ١٣٩.