للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الماورديّ البسر أيضًا، وهل يتعدّى إلى غيرهما من الثمار؟ فيه قولان للشافعيّ، أصحّهما: المنع، والثاني: نعم؛ للحاجة، كما جوّز في العنب القياس. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم أن الأرجح عدم إلحاق غير التمر بالتمر؛ لقوّة حججه، فراجعه، وبالله تعالى التوفيق.

٣ - (ومنها): أنه يؤخذ منه أيضًا أن الرخصة عاقة لجميع الأغنياء والفقراء حيث أطلق الرخصة من غير تقييد بأحد، وهو أصحّ قولي الشافعيّ، والثاني: أنه تختصّ بالفقراء؛ لأنهم سبب الرخصة، كما ذكره الشافعيّ في "الأمّ"، لكن بغير إسناد، وحكاه ابن دقيق العيد وجهًا، وتبع الفورانيّ في ذلك، ومثار الخلاف أن اللفظ العامّ إذا ورد على سبب خاصّ، هل يخصّصه، أو هو على عمومه؛ وفيه خلاف في كتب الأصول (٢)، والأرجح أنه لا يخصص إلا بالقرينة، ومن أدلّته أنه لما نزلت آية: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤] قال الرجل: ألي هذه يا رسول الله؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: "بل لأمتي كلها" (٣)، وهو حديث صحيح.

٤ - (ومنها): أنه يؤخذ منه نظر الإمام لرعيّته، وفكره في مصالحهم، وما يحتاجون إليه من أمور دنياهم على وجه الشرع.

٥ - (ومنها): ما قال وليّ الدين رحمه الله: الرخصة وردت في بيع الرطب على رءوس النخل بالتمر على وجه الأرض، والبسر في معنى الرطب، كما صرَّح به الماوردي من الشافعيّة، ووردت رواية في بيعه برطب أيضًا، وهي في


(١) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام "٧/ ١٤٠.
(٢) راجع: "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" من هامشه ٧/ ١٤٠ - ١٤١.
(٣) حديث صحيح، أخرجه ابن ماجه في "سننه"، ولفظه: أن رجلًا أصاب من امرأة - يعني ما دون الفاحشة - فلا أدري ما بلغ، غير أنه دون الزنى، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكر ذلك له، فأنزل الله سبحانه وتعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤)} [هود: ١١٤]، فقال: يا رسول الله ألي هذه؟ قال: "لمن أخذ بها"، وفي لفظ: "هي لمن عَمِل بها من أمتي".