من حديث جابر - رضي الله عنه -، وأخرجه البيهقيّ من طريق خالد بن أبي قلابة، عن رجل من بني عُذْرة.
وعمدة من ضعّف حديث الاستسعاء في حديث ابن عمر قوله:"وإلا فقد عتق منه ما عتق"، وقد تقدم أنه في حق المعسر، وأن المفهوم من ذلك أن الجزء الذي لشريك المعتق باق على حُكْمِهِ الأول، وليس فيه التصريح بأن يستمر رقيقًا، ولا فيه التصريح بأنه يعتق كله، وقد احتج بعض من ضَعَّف رفع الاستسعاء، بزيادة وقعت في الدارقطنيّ وغيره، من طريق إسماعيل بن أمية وغيره، عن نافع، عن ابن عمر، قال في آخره:"ورَقَّ منه ما بقي"، وفي إسناده إسماعيل بن مرزوق الكعبيّ، وليس بالمشهور، عن يحيى بن أيوب، وفي حفظه شيء عنهم، وعلى تقدير صحتها، فليس فيها أنه يستمرّ رقيقًا، بل هي مقتضى المفهوم من رواية غيره، وحديث الاستسعاء فيه بيان الحكم بعد ذلك، فللذي صحح رفعه أن يقول: معنى الحديثين: أن المعسر إذا أعتق حصته، لم يسْر العتق في حصة شريكه، بل تبقى حصة شريكه على حالها، وهي الرق، ثم يُستسعى في عتق بقيته، فيحصل ثمن الجزء الذي لشريك سيده، ويدفعه إليه، ويَعتق، وجعلوه في ذلك كالمكاتب، وهو الذي جزم به البخاريّ، والذي يظهر أنه في ذلك باختياره؛ لقوله:"غير مشقوق عليه"، فلو كان ذلك على سبيل اللزوم، بأن يكلف العبد الاكتساب والطلب، حتى يحصل ذلك، لحصل له بذلك غاية المشقة، وهو لا يُلزَم في الكتابة بذلك، عند الجمهور؛ لأنها غير واجبة، فهذه مثلها.
وإلى هذا الجمع مال البيهقيّ، وقال: لا يبقى بين الحديثين معارضة أصلًا، وهو كما قال، إلا أنه يلزم منه أن يبقى الرق في حصة الشريك، إذا لم يختر العبد الاستسعاء، فيعارضه حديث أبي المليح، عن أبيه: أن رجلًا أعتق شقصًا له من غلام، فذكر ذلك للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال:"ليس لله شريك"، وفي رواية:"فأجاز عتقه"، أخرجه أبو داود، والنسائيّ، بإسناد قويّ، وأخرجه أحمد بإسناد حسن، من حديث سمرة - رضي الله عنه -: أن رجلًا أعتق شقصًا له في مملوك، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "هو كله فليس لله شريك".
ويمكن حمله على ما إذا كان المعتق غنيًّا، أو على ما إذا كان جميعه