للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

والمراد: أني لا أضربه بعَرْض السيف كما يُضرَب للتأديب، وإنما أضربه بحدّه كما يُضرب للقتل، ثم ضبطة الأكثرون بكسر الفاء، على أنه صفة للضارب حالٌ منه، وقيل: إنه بفتح الفاء على أنه صفة للسيف حال منه.

وقال في "الفتح": قوله: "غير مُصْفَحٍ" قال عياض: هو بكسر الفاء، وسكون الصاد المهملة، قال: وَرَويناه أيضًا بفتح الفاء، فمَن فَتَحَ جعله وصفًا للسيف، وحالا منه، ومن كسر جعله وصفًا للضارب، وحالًا منه. انتهى.

وزَعَم ابن التين أنه وقع في سائر الأمهات بتشديد الفاء، وهو من "صُفْح السيف" (١) أي عَرْضه وحدّه، ويقال له: غِرَار، بِالغين المعجمة، وللسيف صفحان، وحَدّان، وأراد أنه يضربه بحدّه، لا بعرضه، والذي يضرب بالحدّ يقصد إلى القتل، بخلاف الذي يضرب بالصفح، فإنه يقصد التأديب.

قال: ووقع عند مسلم من رواية أبي عوانة: "غير مُصْفَح عنه"، وهذه يترجح فيها كسر الفاء، ويجوز الفتح أيضًا على البناء للمجهول، وقد أنكرها ابن الجوزيّ، وقال: ظَنَّ الراوي أنه من الصفح الذي هو بمعنى العفو، وليس كذلك، إنما هو من صَفْح السيف.

قال الحافظ: ويمكن توجيهها على المعنى الأول، والصفح، والصفحة بمعنى، وقد أورده مسلم من طريق زائدة، عن عبد الملك بن عُمير، وبَيَّن أنه ليس في روايته لفظة: "عنه"، وكذا سائر من رواه عن أبي عوانة في البخاريّ وغيره لَمْ يذكروها. انتهى (٢).

(فَبَلَغَ ذَلِكَ) أي قول سعد المذكور (رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) بالنصب على المفعوليّة (فَقَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قال العلماء: الْغَيْرَةُ - بفتح الغين - وأصلها المنع، والرجل غَيُور على أهله؛ أي يمنعهم من التعلّق بأجنبيّ بنظر، أو حديث، أو غيره، والغيرةُ صفة كمال، فأخبر - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأن سعدًا غَيور، وأنه أغير منه، وأن الله أغير منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأنه من أجل ذلك حَرَّم


(١) صَفْح السيف - بضمّ الصاد، وفتحها: عرضه، وهو خلاف الطول. انتهى. "المصباح " ١/ ٣٤٢.
(٢) "الفتح" ١١/ ٦٦٩ - ٦٧٠.