قوله:"وكان ذلك الرجل إلخ"، والحامل على ذلك ما قدّمناه من الأدلّة على أن رواية القاسم هذه موافقة لحديث سهل بن سعد. وَيَحْتَمِل على بُعْد أن تكون الملاعنة وقعت مرّة بسبب القذف، وأخرى بسبب الانتفاء. قاله في "الفتح".
(فَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما - (فِي الْمَجْلِسِ) متعلّق بـ "قال"، وهذا السائل هو عبد الله بن شدّاد بن الهاد، وهو ابن خالة ابن عبّاس، سمّاه أبو الزناد عن القاسم بن محمد في الرواية التالية (أَهِيَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، رَجَمْتُ هَذهِ؟ "، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما - (لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ، كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الْإِسْلَامِ الشَّرَّ) وفي رواية: "كانت تظهر في الإسلام السوء" أي: كانت تُعلن بالفاحشة، ولكن لم يثبت عليها ذلك ببيّنة، ولا اعتراف. قال الداوديّ: فيه جواز عيب من يسلك مسالك السوء.
وتُعُقّب بأن ابن عبّاس لم يسمها، فإن أراد إظهار العيب على الإبهام فمُحْتَمِلٌ.
وقال القرطبيّ: قوله: "تلك امرأة كانت تُظهِر في الإسلام السوء" أي: تَظهَر عليها قرائنُ، تدلّ على أنها بَغِيّ، تتعاطى الفاحشة، فقد وقع في طريق عروة - رضي الله عنه - عن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - عند ابن ماجه:"لو كنت راجمًا أحدًا لغير بيّنة لرجمت فلانة، فقد ظهر فيها الريبة في منطقها، وهيئتها، ومن يدخل عليها"، ولكن لم يثبت عليها سببٌ شرعيّ، يتعلّق به الرجم، لا إقرارٌ، ولا حملٌ، ولا بيّنةٌ، فلم يُقَم عليها حدٌّ لتلك الأسباب المحصورة، وفيه أنه لا يقام الحدّ بمجرّد الشياع، والقرائن، بل لا بدّ من بيّنة، أو اعتراف. انتهى بزيادة (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - هذا متّفَقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٣٧٥٣ و ٣٧٥٤ و ٣٧٥٥](١٤٩٧)، و (البخاريّ)