للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأحسن ما قيل في التفسير؛ قول ابن عمر - رضي الله عنهما -: إن الفاحشة: الزنى. فيخرجن لإقامة الحد عليهنَّ.

وتعليله منع اعتدادها في بيت أمِّ شريك بدخول أصحابه؛ دليل على أن المرأة ممنوعة من التعرض لموضع يشق عليها فيه التحرُّز من أن يُطَّلع منها على ما لا يجوز. انتهى (١).

(ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("تِلْكَ) أي: أم قيس (امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا) أي: ينزل (أَصْحَابِي) وفي رواية أبي سلمة: "ثم أرسل إليها أن أم شريك يأتيها المهاجرون الأولون".

قال النوويّ رحمه الله: معنى هذا الحديث: أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يزورون أم شريك، ويُكثرون التردد إليها لصلاحها، فرأى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن على فاطمة من الاعتداد عندها حرجًا، من حيث إنه يلزمها التحفّظ من نظرهم إليها، ونظرها إليهم، وانكشاف شيء منها، وفي التحفّظ من هذا مع كثرة دخولهم، وتردّدهم مشقّةٌ ظاهرةٌ، فأمرها بالاعتداد عند ابن أم مكتوم؛ لأنه لا يُبصرها، ولا يتردد إلى بيته من يتردّد إلى بيت أُمُّ شريك. انتهى.

(اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ) هو عمرو بن زائدة، أو ابن قيس بن زائدة. ويقال: زياد القرشيّ العامريّ الصحابيّ المشهور، قديم الإسلام، ويقال: اسمه عبد الله، ويقال: الحصين، كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - استخلفه على المدينة، مات - رضي الله عنه - في آخر خلافة عمر - رضي الله عنه -. تقدّمت ترجمته في "الصلاة" ٤/ ٨٤٩.

وفي رواية النسائيّ: "قال: انتقلي عند ابن أم مكتوم الأعمى الذي سمّاه الله في كتابه أي: في قوله: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢)} [عبس: ١، ٢]، وفي رواية له: "وهو الأعمى الذي عاتبه الله في كتابه"، وضمير "عاتبه" للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

وقال القرطبيّ رحمه الله: وقوله: "اعتدِّي عند ابن أم مكتوم وفي رواية لمسلم: "عند ابن عمك عمرو بن أم مكتوم"، وكذلك جاء في آخر الكتاب، وزاد: "رجل من بني فهر"، من البطن التي هي منه، والمعروف خلاف هذا،


(١) "المفهم" ٤/ ٢٦٩ - ٢٧٠.