للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

خلاف في أن كل زوجة مدخول بها طلَّقها زوجُها يجب عليها العدّة، ثم هي - أعني: العدَّة - منقسمة بحسب أحوالهنَّ: فالحامل عدَّتُها وضْعُ حملها، والحائل إن كانت حرَّة: ثلاثة قروء، وإن لم تكن من ذوات الأقراء: فثلاثة أشهر، وأمَّا الأَمَة: فقرءان، أو شهران، ويجري الفسخ بغبر طلاق مجرى الطلاق، وأمَّا المتوفَّى عنها زوجها: فالحرَّة تعتدّ أربعة أشهر وعشرًا، والأَمَة: شهران وخمس ليال عندنا، وسيأتي بعضُ ذلك، وتفصيله في كتب الفقه.

وأمُّ شريك اسمها: غَزِيَّة. وقيل: غُزَيْلة. وهي قرشية عامريّة. وقد ذكرها بعضهم في أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقيل فيها: إنها أنصارية، على ما ذكره مسلم في حديث الجسَّاسة، وسيأتي. وكانت كثيرة المعروف، والنفقة في سبيل الله تعالى، والتضييف للغرباء من المهاجرين وغيرهم. ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "تلك امرأة يغشاها أصحابي".

وإنما أذن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة أن تخرج من البيت الذي طلقت فيه؛ لما ذكره مسلم في الرواية الأخرى من أنها خافت على نفسها من عورة منزلها.

وفيه دليل: على أن المعتدة تنتقل لأجل الضرر، وهذا أولى من قول من قال: إنها كانت لَسِنَةً تُؤْذي زوجَها وأحماءهَا بلسانها؛ فإن هذه الصِّفَة لا تليق بمن اختارها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِحبِّه ابن حِبِّه، وتواردت رغبات الصحابة عليها حين انقضت عدَّتُها، ولو كانت على مثل تلك الحال لكان ينبغي ألا يُرْغَبَ فيها، ولا يُحْرَصَ عليها، وأيضًا: فلم يثبث بذلك نقل مُسْنَدٌ صحيحٌ، وإنما الذي تمسَّك به في ذلك قول عائشة: ما لفاطمة خير أن تذكر هذا.

وقول عمر: "لا ندع كتاب الله لقول امرأة لا نعلم حفظت أو نسيت"، وقول بعضهم: تلك امرأة فتنت الناس. وليس في شيء من ذلك دليل على ذلك.

ويا للعجب! كيف يجترأ ذو دِينٍ أن يُقْدِمَ على غيبة مثل هذه الصحابية؛ التي اختارها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لِحِبّه ابن حِبِّه، لسبب خبر لم يَثْبُت.

وأعجب من ذلك قول بعض المفسرين في قوله تعالى: {وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: ١] إنها نزلت في فاطمة؛ لأنها كانت فيها بذاذة لسان، وأذى للأحماء، وهذا لم يثبث فيه نقلٌ، ولا يدلُّ عليه نظرٌ، فَذِكْرُ ذلك عنها، ونسْبَتُه إليها غيبة، أو بهتان.