للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أي: بإنزال الوحي على وفقه، كما نزلت الآية الكريمة موافقة لكلامه المذكور، كما بيّنه بقوله: (وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، آيَةُ التَّخْيِيرِ) بدل من "الآية"، وقوله: ({عَسَى رَبُّهُ}) إلخ خبر لمحذوف محكي لقصد لفظه؛ أي: هي {عَسَى رَبُّهُ}، الآية ({إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ}، {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}، وَكَانَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَحَفْصَةُ) بنت عمر، وقوله: (تَظَاهَرَانِ) بحذف إحدى التاءين؛ إذ أصله تتظاهران؛ أي: تتعاونان (عَلَى سَائِرِ نِسَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَطَلَّقْتَهُنَّ؟ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("لَا") أي: لأنه إنما آلى منهنّ أن يدخل عليهنّ شهرًا (قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، وَالْمُسْلِمُونَ يَنْكُتُونَ بِالْحَصَى) تقدّم شرحه قريبًا (يَقُولُونَ: طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ، أَفَأَنْزِلُ، فَأُخْبِرَهُمْ أَنَّكَ لَمْ تُطَلِّقْهُنَّ؟ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("نَعَمْ إِنْ شِئْتَ") أي: أخبرهم إن أحببت إخبارهم به (فَلَمْ أَزَلْ أُحَدِّثُهُ، حَتَّى تَحَسَّرَ) أي: انكشف (الْغَضَبُ عَنْ وَجْهِهِ) - صلى الله عليه وسلم - (وَحَتَّى كَشَرَ) الكشر: بدُوّ الأسنان، يقال: كشَرَ الرجلُ عن أسنانه، من باب ضرب: إذا أبداها في الضحك (فَضَحِكَ) من باب تَعِبَ (وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ ثَغْرًا) بفتح الثاء المثلَّثة، وسكون الغين المعجمة: الفم، أو الأسنان، أو مقدّمها، قاله المجد رحمه الله (١). (ثُمَّ نَزَلَ نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَنَزَلْتُ، فَنَزَلْتُ أَتَشَبَّثُ) أي: أتعلّق، وأستمسك خوفًا من السقوط (بِالْجذْعِ) بكسر، فسكون: ساق النخلة (وَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَأَنَّمَا يَمْشِي عَلَى الْأَرْضَ، مَا يَمَسُّهُ بِيَدِهِ) يعني أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يمسّ الجِذع؛ لعدم مخافته من السقوط؛ إما لزيادة قوته، وإما لاعتياده ذلك (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّمَا كُنْتَ فِي الْغُرْفَةِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ؟) وفيه تذكير الحالف بيمينه إذا وقع منه ما ظاهره نسيانها؛ لأن عمر - رضي الله عنه - خشِي أن يكون - صلى الله عليه وسلم - نسي مقدار ما حلف عليه، وهو شهر، فذكّره به (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ") أي: وهذا الشهر منه.

قال الحافظ رحمه الله: فيه تقوية لقول من قال: إن يمينه - صلى الله عليه وسلم - اتَّفق أنها كانت في أول الشهر، ولهذا اقتصر على تسعة وعشرين، وإلا فلو اتَّفق ذلك في أثناء


(١) "القاموس المحيط" ١/ ٣٨٢.