للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[فإن قلت]: ظاهر هذا أن الإذن حصل بعد رفع صوته، فيخالف قوله في الرواية المذكورة: "فولّيت مدبرًا، فإذا الغلام يدعوني، فقال: ادخل، فقد أذن لك".

[قلت]: يُجمَع بينهما بان الإذن إنما حصل بعد تولّيه مدبرًا، وذلك أنه بعدما رفع صوته بما قاله، ولّى مدبرًا، فناداه الغلام، وأخبره بأنه - صلى الله عليه وسلم - أَذِن له، ولا مخالفة أيضًا بين الإشارة، والنداء؛ لاحتمال أن يكون جمع بينهما، والله تعالى أعلم.

(فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ) جملة حاليّة في محلّ نصب (عَلَى حَصِيرٍ) بفتح الحاء، وكسر الصاد المهملتين، وهي الباريّة، وجمعها حُصُرٌ، مثلُ بَرِيد وبُرُد (١). (فَجَلَسْتُ، فَأَدْنَى عَلَيْهِ إِزَارَهُ) وفي بعض النسخ: "فإذا عليه إزاره" (وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ) أي: من الرداء، وغيره (وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ) أي: لعدم بسط فراش ونحوه عليه (فَنَظَرْتُ بِبَصَرِي فِي خِزَانَةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ) بفتح القاف وضمّها لغةٌ (مِنْ شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاعِ) بجرّ "نحوِ" بدلًا من "شعير" (وَمِثْلِهَا) بالجرّ عطفًا على "شعير"، وقوله: (قَرَظًا) منصوب على التمييز، قال الفيّوميّ رحمه الله: القَرَظُ - أي: بفتحتين - حَبّ معروفٌ يَخرُج في غُلُفٍ، كالعدَس، من شجر الْعِضَاه، وبعضهم يقول: القَرَظ: ورَقُ السَّلَم، يُدْبَغُ به الأَدِيمُ، وهو تسامحٌ، فإن الوَرَق لا يُدبغ به، وإنما يُدبغ بالحبّ، وبعضهم يقول: الْقَرَظ شجرٌ، وهو تسامحٌ أيضًا، فإنهم يقولون جَنَيتُ الْقَرَظَ، والشجر لا يُجنى، وإنما يُجنى ثموه، يقال: قَرَظتُ قَرْظًا، من باب ضَرَبَ: إذا جنيته، أو جمعته، والفاعل قارظٌ. انتهى (٢). (فِي نَاحِيَةِ الْغُرْفَةِ) أي: في جهة من جهاتها (وَإِذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ) "الأَفِيقُ" - بفتح الهمزة، وكسر الفاء -: هو الجلد الذي لم يتمّ دِباغه، وجمعه أفَقٌ بفتحها، كأَدِيمٍ وأَدَمٍ، وقد أَفَقَ أَدِيمه يَأْفِقُهُ بكسر الفاء، قاله النوويّ رحمه الله (٣).

وقال الفيّوميّ رحمه الله: الأَفِيقُ: الجلد بعد دبغه، والجمع أَفَقٌ بفتحتين،


(١) "المصباح" ١/ ١٣٨ - ١٣٩.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٩٩.
(٣) "شرح النوويّ" ١٠/ ٨٣ - ٨٤.