واجبةٌ، والقصاص ساقطٌ للشبهة، فإنه ظنّه كافرًا، وظنّ أن إظهاره كلمة التوحيد في هذا الحال لا يجعله مسلمًا، وفي وجوب الدية قولان للشافعي رحمه الله تعالى، وقال بكل واحد منهما بعضٌ من العلماء، ويجاب عن عدم ذكر الكفارة في قصّة أسامة - رضي الله عنه -: بأنها ليست على الفور، بل هي على التراخي، وتأخير البيان إلى وقت الحاجة جائز على المذهب الصحيح عند أهل الأصول، وأما الدية على قول من أوجبها، فيَحْتَمِل أنّ أسامة كان في ذلك الوقت مُعسِرًا بها، فأُخِّرت إلى يساره. انتهى (١).
وقال في "الفتح": وأما كونه - صلى الله عليه وسلم - لم يُلزِمه ديةً، ولا كفارةً فتوقف فيه الداوديّ، وقال: لعله سَكَت عنه؛ لعلم السامع، أو كان ذلك قبل نزول آية الدية والكفارة.
وقال المازريّ رحمه الله تعالى: لم يَذكُر في الحديث قصاصًا، ولا عقلًا، فيحتمل أن يكون إنما أَسقَط ذلك عنه؛ لأنه متأوّلٌ، ويكون ذلك حجّةً في إسقاط العقل على إحدى الروايتين عند المالكيّة في خطأ الإمام، ومن أَذِن له في شيء، فأتلفه غلطًا، كالأجير والخاتن.
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: لا امتراء أن أسامة - رضي الله عنه - إنما قتله متأوّلًا، وظانًّا أن الشهادة عند معاينة القتل لا تنفع، كما لا تنفع عند حضور الموت، ولم يَعلَم بعدُ حكم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيه، ألا تراه كيف قال: إنما قالها متعوّذًا؟، فحكمه حكم الخاطئ، فسقوط القصاص عنه بَيِّنٌ، وأما سقوط الدية، فلكونه من العدوّ، ولعله لم يكن له وليّ من المسلمين تكون له ديته كما قال تعالى:{فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} الآية [النساء: ٩٢]، فلم يجعل عليه قصاصًا، ولا ديةً سوى الكفّارة، وهذا مذهب ابن عبّاس، وجماعة في الآية أنها في المؤمن يُقتَلُ خطأ، وقومه كفّار، فليس على عاقلته سوى الكفّارة.
وذهب بعضهم إلى أن الآية فيمن كان أولياؤه معاهدين، وذُكر عن مالك،