تَرَكَ"، والروايات يُفَسِّر بعضها بعضًا، وقد أخرج مسلم في "صحيحه" رواية ابن جريج هذه، ولم يسق لفظها، بل قال: إنها مثل الأولى، وقد عرفت زيادة هذه الفائدة فيها، قال وليّ الدين: وهذا الجواب أقوى هذه الأجوبة.
قال الجامع عفا الله عنه: رواية ابن جريج، عن أبي الزبير ظاهر قول المصنّف - رحمه الله - إنها مثل الأولى يدلّ على أنها ليس فيها قوله: "وهو صائم"، وقد وقع كذلك عند الطحاويّ في "مشكل الآثار"، كما سيأتي نقل نصّه قريبًا، فتأمل.
والحاصل أن تأويل الحديث بحمله على الصائم أرجح؛ جمعًا بين الروايات، والله تعالى أعلم.
قال وليّ الدين: قال أصحابنا: وإذا قلنا بوجوب الأكل، فيحصل ذلك ولو بلقمة، ولا تلزمه الزيادة؛ لأنه يسمى أكلًا، ولهذا لو حلف لا يأكل حَنِث بلقمة، ولأنه قد يتخيل صاحب الطعام أن امتناعه بشبهة يعتقدها في الطعام، فإذا أكل لقمة زال ذلك التخيل، وحَكَى المازريّ وجهًا أن الأكل فرض كفاية. انتهى (١).
وقوله: (وَلَمْ يَذْكُر ابْنُ الْمُثَنَّى إِلَى "طَعَامٍ") أشار به إلى اختلاف شيخيه: محمد بن المثنّى، ومحمد بن نمير، فابن نُمير قال: "إذا دُعي أحدكم إلى طعام"، وابن المثنّى، لم يقل ذلك، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث جابر - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.
[تنبيه]: تقدّم عن ابن حزم: أنه طعن في هذه الرواية بأن أبا الزبير لم يصرّح بالسماع عن جابر - رضي الله عنه -، وهو معروف بالتدليس، إلا إذا روى عنه الليث بن سعد، فإنه لم يرو عنه إلا ما سمعه عن جابر - رضي الله عنه -، وهذه الرواية ليست منه، ففي صحّتها نظرٌ، إلا أن المصنّف - رحمه الله - إمامٌ معتمد، يعلم تدليس