للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأخرج الشافعيّ، وعبد الرزاق بسند صحيح، عن ابن عبّاس أن ابن صفوان دعاه، فقال: إني مشغول، وإن لم تُعفني جئته.

وجزم بعدم الوجوب في غير وليمة النكاح المالكيّة، والحنفيّة، والحنابلة، وجمهور الشافعية، وبالغ السرخسيّ منهم، فنقل فيه الإجماع، ولفظ الشافعيّ: إتيان دعوة الوليمة حقّ، والوليمة التي تعرف وليمة العرس، وكلّ دعوة دُعي إليها رجلٌ: وليمةٌ، فلا أُرخّص لأحد في تركها، ولو تركها لم يتبيّن لي أنه عاص في تركها كما تبيّن لي في وليمة العرس. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن مما تقدّم من الأدلّة أن أرجح الأقوال هو القول بوجوب إجابة الدعوة مطلقًا، لقوّة أدلّته، ولم يأت القائلون بالفرق بين العُرس وغيرها بدليل صحيح، صريح، فتبصّر بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): في بيان ما ذكره أهل العلم من شروط وجوب إجابة الدعوة:

قال الحافظ وليّ الدين - رحمه الله -: قال أصحابنا الشافعية: إنما تجب الإجابة، أو تستحبّ بشروط:

[أحدها]: أن يعم عشيرته، وجيرانه، أو أهل حرفته، أغنياءهم وفقراءهم، دون ما إذا خصّ الأغنياء، وحُكِي عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، قال أبو العباس القرطبيّ: ونحوَه نحا ابنُ حبيب من أصحابنا - يعني المالكيّة - وظاهر كلام أبي هريرة - رضي الله عنه - وجوب الإجابة.

[ثانيها]: أن يخصه بالدعوة بنفسه، أو بإرسال شخص إليه، فأما إذا قال بنفسه أو بوكيله: ليحضر من أراد، أو قال لشخص: احضر، وأحضر معك من شئت، فقال لغيره: احضر فلا تجب الإجابة، ولا تستحبّ، وكذا اعتبر المالكية والحنابلة في وجوب الإجابة أن يدعو معينًا، قال ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام": ولا يخلو من احتمال، لو قيل بخلافه. انتهى.

وقد يقال: هذا معلوم من قولهم: دُعِي، فإن هذا لم يُدْعَ، وإنما مُكِّنَ من


(١) "الفتح" ١١/ ٥٤٦ - ٥٤٧.