للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فلهذا قال: الليثيّ، ثم الجندعيّ، فبدأ بالعامّ، وهو ليث، ثم الخاصّ، وهو جُندع، ولو عُكِس هذا، فقيل: الجندعيّ، ثمّ الليثيّ، لكان خطأً من حيث إنه لا فائدة في قوله: "الليثيّ" بعد الجندعيّ، ولأنه أيضًا يقتضي أن ليثًا بطن من جندع، وهو خطأ، قاله النوويّ رحمه الله تعالى (١).

وقوله: (أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو بْنَ الْأَسْوَدِ) هو المقداد ابن الأسود الذي سبق في السند الماضي، قال النوويّ رحمه الله تعالى في "شرحه": قد يُغْلَط في ضبطه، وقراءته، والصواب فيه أن يُقْرَأ "عمرٍو" مجرورًا منونًا، و"ابنَ الأسود" بنصب النون، ويُكتب بالألف؛ لأنه صفة للمقداد، وهو منصوبٌ، فينصب، وليس "ابن" ها هنا واقعًا بين علمين متناسلين، فلهذا قلنا: تتعين كتابته بالألف، ولو قُرِئ "ابن الأسود" بجر "ابن" لفسد المعنى، وصار عمرو بن الأسود، وذلك غَلَطٌ صريحٌ، ولهذا الاسم نظائر، منها: "عبد الله بن عمرٍو ابنُ أم مكتوم"، كذا رواه مسلم رحمه الله آخر الكتاب، في حديث الْجَسّاسة، و"عبد الله بن أُبيٍّ بنُ سَلُولَ"، و"عبد الله بن مالكٍ ابنُ بُحَينة"، و"محمد بن عليٍّ ابنُ الْحَنَفِيَّة"، و"إسماعيل بن إبراهيمَ ابنُ عُلَيَة"، و"إسحاق بن ابراهيمَ ابنُ راهويه"، و"محمد بن يزيد بن ماجه"، فكل هؤلاء ليس الأب فيهم ابنًا لمن بعده، فيتعين أن يُكتَب "ابن" بالألف، وأن يُعْرَب بإعراب الابن المذكور أوّلًا، فـ"أمُّ مكتوم" زوجة عمرو، و"سَلُول" زوجة أُبَيّ، وقيل غير ذلك مما سنذكره في موضعه - إن شاء الله تعالى - و"بُحَينة" زوجة مالك، وأمُّ عبد الله، وكذلك "الحنفية"، زوجة عليّ - رضي الله عنه -، و"عُلَيَّةُ" زوجة إبراهيم، و"راهويه"، هو إبراهيم، والد إسحاق، وكذلك "ماجه" هو يزيد (٢)، فهما لقبان، والله تعالى أعلم.

ومرادهم في هذا كله تعريفُ الشخص بوصفيه؛ ليَكْمُل تعريفه، فقد يكون الإنسان عارفًا بأحد وصفيه دون الآخر، فيجمعون بينهما؛ ليتم التعريف لكل أحد، وقُدِّم هنا نسبته إلى عمرو على نسبته إلى الأسود؛ لكون عمرو هو الأصل، وهذا من المستحسنات النفيسة، والله تعالى أعلم.


(١) "شرح النوويّ" ٢/ ١٠٣.
(٢) هذا فيه اختلاف بين العلماء، وقد حقّقته في مقدمة "شرح سنن ابن ماجه"، فارجع إليه، تستفد.