للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

محمد، فأنزل الله: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: ٥]، فلان مولى فلان، وفلان أخو فلان، {هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: ٥] يعني: أعدل.

قال أبو عيسى: هذا حديث غريب (١)، قد روي عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، قالت: لو كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كاتمًا شيئًا من الوحي، لكتم هذه الآية: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: ٣٧]. هذا الحرف، لم يروَ بطوله.

وقال ابن العربيّ: إنما قال - صلى الله عليه وسلم - لزيد: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} اختبارًا لما عنده من الرغبة فيها، أو عنها، فلما أطلعه زيد على ما عنده منها من النفرة التي نشأت من تعاظمها عليه، وبذاءة لسانها أذن له في طلاقها، وليس في مخالفة متعلّق الأمر لمتعلّق العلم ما يمنع من الأمر به. والله أعلم (٢).

(قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِزَيْدٍ) هو: ابن حارثة بن شَراحِيل الكلبيّ، أبو أسامة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحابيّ الجليل المشهور من أول الناس إسلامًا، استُشهد يوم مؤتة في حياة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سنة ثمان، وهو ابن خمس وخمسين سنةً، له ذكر في "صحيح مسلم"، بلا رواية.

("فَاذْكُرْهَا عَلَيَّ") يقال: ذكر المرأة: إذا خطبها. وقيل: تعرّض لخِطبتها؛ أي: اخطبها لأجلي من نفسها، والتمس نكاحها لي. وإنما أرسل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - زيدًا؛ لئلا يظنّ أحدٌ أن ذلك وقع قهرًا بغير رضاه، وفيه أيضًا اختبار ما كان عنده منها، هل بقي منه شيء، أو لا؟. والله تعالى أعلم (٣).

(قَالَ) أنس (فَانْطَلَقَ زَيْدٌ) - رضي الله عنه -، وفي رواية النسائيّ: "قال زيد: فانطلقت" (حَتَّى أَتَاهَا)؛ أي: أتى زينب - رضي الله عنها -، وقوله: (وَهْيَ تُخَمِّرُ عَجِينَهَا) جملة حالية؛ أي: والحال أنها تخمّر عجينها، وتخمير العجين أن يُصبّ فيه المَاء، وَيُتْرَكَ حتى يَجُودَ؛ أَي: يَطِيب، والفِعْلُ كضَرَبَ، ونَصَرَ، يقال: خَمَر العَجِينَ يَخْمُره


(١) هو حديث ضعيف؛ لأن في سنده داود بن الزبرقان متروك، بل كذّبه بعضهم، كما في "التقريب".
(٢) راجع: "الفتح" ٩/ ٤٧٩، ٤٨٠.
(٣) راجع: "الفتح" ٩/ ٤٨٠.