للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إبراهيم، من شيوخه، والشعبيّ، وعطاء بن أبي رباح، وطاوس، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وقتادة، والزهريّ، وغيرهم، ومن فقهاء الأمصار: سفيان الثوريّ، والأوزاعيّ، والحسن بن حيّ، وأبو يوسف القاضي، قال ابن حزم: خالف في ذلك أصحابه، وَوُفِّقَ، والشافعيّ وأحمد، وإسحاق.

وقال ابن حزم في "المحلّى": ومن أعتق أمته على أن يتزوّجها، وجعل عتقها صداقها، لا صداق لها غيره، فهو صداق صحيح، ونكاحٌ صحيح، وسنّةٌ فاضلة، فإن طلّقها قبل الدخول، فهي حرّةٌ، ولا يرجع عليها بشيء، فلو أبت أن تتزوّجه بطل عتقها، وهي مملوكة كما كانت.

قال: وفي ذلك خلاف متأخّر، قال أبو حنيفة، ومحمد بن الحسن، وزُفر بن الْهُذيل، ومالك، وابن شُبْرُمة، والليث: لا يجوز أن يكون عتق الأمة صداقها، قال أبو حنيفة، وزفر، ومحمد، ومالك: إن فعل فلها عليه مهر مثلها، وهي حرّة، ثم اختلفوا إن أبت أن تتزوّجه، فقال أبو حنيفة، ومحمد: تسعى له في قيمتها، وقال مالك، وزفر: لا شيء عليها. ثم ذكر ابن حزم أدلّة الفريقين، وأطال في ذلك، فأجاد، وأفاد.

قال في "الفتح" بعد أن ذكر ما تمسّك به الأولون ما حاصله: وأجاب الباقون عن ظاهر الحديث بأجوبة:

أقربها إلى لفظ الحديث أنه أعتقها بشرط أن يتزوّجها، فوجبت له عليها قيمتها، وكانت معلومة، فتزوّجها بها.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قال الحافظ: إنه أقرب إلى لفظ الحديث، فيه نظر، بل هو بعيد، ولا يخفى بُعده على من تأمّله.

قال: ويؤيّده قوله في رواية عبد العزيز بن صُهيب: "سمعت أنسًا قال: سبى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صفيّةَ، فأعتقها، وتزوّجها، فقال ثابت لأنس: ما أصدقها؟ قال: نفسها، فأعتقها". هكذا أخرجه البخاريّ في "المغازي". وفي رواية حمّاد، عن ثابت، وعبد العزيز، عن أنس في حديث: "قال: وصارت صفيّة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم تزوّجها، وجعل عتقها صداقها، فقال عبد العزيز لثابت: يا أبا محمد، أنت سألت أنسًا ما أمهرها؟ قال: أمهرها نفسها، فتبسّم"، فهو ظاهر جدًّا في أن المجعول مهرًا هو نفس العتق، فالتأويل الأول لا بأس به،