للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

منه صفية بأن أعطاه أخت زوجها، واسترجاع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صفية منه محمول على أنه إنما أذن له في أخذ جارية من حشو السبي، لا في أخذ أفضلهنّ، فجاز استرجاعها منه؛ لئلا يتميز بها على باقي الجيش، مع أن فيهم من هو أفضل منه.

ووقع في رواية لمسلم أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - اشترى صفية منه بسبعة أرؤس، وإطلاق الشراء على ذلك على سبيل المجاز، وليس في قوله: "سبعة أرؤس" ما ينافي قوله هنا: "خذ جارية"؛ إذ ليس هنا دلالة على نفي الزيادة، قاله في "الفتح" (١).

وقال في "العمدة": فإن قلت: وقع في رواية مسلم أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - اشترى صفية منه بسبعة أرؤس.

قلت: إطلاق الشراء على ذلك على سبيل المجاز؛ لأنه لما أخذها منه على الوجه الذي نذكره الآن، وعوّضه عنها بسبعة أرؤس على سبيل التكرم والفضل، أطلق الراوي الشراء عليه؛ لوجود معنى المبادلة فيه.

وأما وجه الأخذ فهو أنه لما قيل له: إنها لا تصلح له من حيث إنها من بيت النبوة، فإنها من ولد هارون أخي موسى - عليهما الصلاة والسلام - ومن بيت الرياسة، فانها من بيت سيد قريظة والنضير، مع ما كانت عليه من الجمال الباعث على كثرة النكاح المؤدية إلى كثرة النسل، وإلى جمال الولد، لا للشهوة النفسانية، فإنه معصوم منها.

وعن المازريّ: يُحمل ما جرى مع دحية على وجهين:

أحدهما: أن يكون ردّ الجارية برضاه، وأذن له في غيرها.

الثاني: أنه إنما أذن له في جارية من حشو السبي، لا في أخذ أفضلهنّ، ولما رأى أنه أخذ أنفَسهنّ، وأجودهنّ نسبًا، وشرفًا، وجمالًا استرجعها؛ لئلا يتميز دحية بها على باقي الجيش، مع أن فيهم من هو أفضل منه، فقطع هذه المفاسد، وعوّضه عنها.

وقال القاضي: الأولى عندي أن صفية كانت فيئًا؛ لأنها كانت زوجة


(١) "الفتح" ٢/ ٨٧.