يُدفَع حديث ابن عبّاس؟ - أي مع صحّته - قال: فقال: الله المستعان، ابن المسيّب يقول: وَهِمَ ابن عبّاس، وميمونة تقول: تزوّجني وهو حلال. انتهى.
وقد عارض حديث ابن عباس حديث عثمان:"لا ينكح المحرم، ولا يُنكح". أخرجه مسلم.
ويُجمع بينه وبين حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - بحمل حديث ابن عبّاس على أنه من خصائص النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
وقال ابن عبد البرّ: اختلفت الآثار في هذا الحكم، لكن الرواية أنه تزوّجها، وهو حلالٌ، جاءت من طرق شتّى، وحديث ابن عبّاس صحيح الإسناد، لكن الوهم إلى الواحد أقرب منه إلى الجماعة، فأقلّ أحوال الخبرين أن يتعارضا، فتطلب الحجة من غيرهما، وحديث عثمان صحيح في منع نكاح المحرم، فهو المعتمد. انتهى.
ومنهم من حمل حديث عثمان على الوطء.
وتُعُقّب بأنه ثبت فيه:"لا يَنكِح" بفتح أوله، و"لا يُنكِح" بضمّ أوله، "ولا يخطب". ووقع في "صحيح ابن حبّان" زيادة: "ولا يُخطب عليه".
ويترجّح حديث عثمان بأنه تقعيد قاعدة، وحديث ابن عبّاس واقعة عين، تَحْتَمِل أنواعًا من الاحتمالات:
[فمنها]: أن ابن عبّاس كان يرى أن من قلّد الهدي يصير محرمًا، كما تقدّم تقرير ذلك في "الحجّ"، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان قلّد الهدي في عمرته تلك التي تزوّج فيها ميمونة، فيكون إطلاقه أنه - صلى الله عليه وسلم - تزوّجها، وهو محرمٌ، أي عقد عليها بعد أن قلّد الهدي، وإن لم يكن تلبّس بالإحرام، وذلك أنه كان أرسل إليها أبا رافع يخطبها، فجعلت أمرها إلى العبّاس، فزوّجها من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
وقد أخرج الترمذيّ، وابن خزيمة، وابن حبّان في "صحيحيهما" من طريق مطر الورّاق، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سليمان بن يسار، عن أبي رافع:"أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - تزوّج ميمونة، وهو حلالٌ، وبنى بها، وهو حلالٌ، وكنت أنا الرسول بينهما"، قال الترمذيّ: لا نعلم أحدًا أسنده غير حمّاد بن زيد، عن مطر، ورواه مالك، عن ربيعة، عن سليمان، مرسلًا.