للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ليقول لأخ لي صغير: "يا أبا عُمير ما فَعَل النُّغَير؟ "، رواه البخاريّ (١).

وقال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: تخصيصه -صلى اللَّه عليه وسلم- أصغر وليد يحضره؛ لأنه ليس فيه ما يُقسَم على الولدان، وأما من كَبُر منهم فإنه يتخلق بأخلاق الرجال في الصبر، ويلوح لي أنه تفاؤل بنماء الثمار وزيادتها؛ لدفعها لمن هو في سنّ النماء والزيادة، كما قيل في قلب الرداء للاستسقاء، وقيل: إنما خصهم بذلك؛ للمناسبة الواقعة بين الولدان وبين الباكورة؛ لقربهما من الإبداع؛ أي: حِدْثان عهدهما بالإبداع.

٣ - (ومنها): ما قال أبو عمر -رَحِمَهُ اللَّهُ- أيضًا: أما دعاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث أنس بالبركة لأهل المدينة في مكيالهم، وصاعهم، ومُدّهم، فالمعنى فيه -واللَّه أعلم- صرف الدعاء بالبركة إلى ما يكال بالمكيال، والصاع، والمدّ من كل ما يكال، وهذا من فصيح كلام العرب أن يُسَمَّى الشيءُ باسم ما قَرُب منه، ولو لم تكن البركة في كل ما يكال، وكانت في المكيال لم تكن في ذلك منفعة، ولا فائدة، بل لو رُفعت البركة من المكيل، فكانت في المكيال كانت مصيبة، وهذا محال في معنى الحديث، وقد جَلّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يدعو بما لا فائدة فيه.

٤ - (ومنها): أن فيه دليلًا على أن الإنفاق بالكيل أفضل منه بغير الكيل، وقد ثبتٌ مرفوعًا: "كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه" (٢).

والفائدة في حديث أنس -رضي اللَّه عنه- الدعاء من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالبركة لأهل المدينة في طعامهم، والندب إلى استعمال الكيل في كل ما يكال، ويمكن فيه الكيل ويوزن.

وقد روي عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "المكيال مكيال أهل المدينة، والوزن وزن أهل مكة" (٣)، قاله أبو عمر -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٤).


(١) راجع: "الاستذكار" ٨/ ٢١٨ - ٢١٩.
(٢) أخرجه البخاريّ في "صحيحه" من حديث المقدام بن معدي كرب -رضي اللَّه عنه-.
(٣) حديث صحيح، أخرجه النسائيّ بسند صحيح.
(٤) "الاستذكار" ٨/ ٢١٨.