للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

في "الصحيحين" من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، ولم يدخل الكعبة في عمرته كما في "الصحيحين" عن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنهما-، ولم ينقل فيما أعلم دخوله في حجه، ولعل تركه الدخول في عمرته وحجته؛ لئلا يتوهم كونه من المناسك، وليس منها، وإنما هو سنّة مستقلة كما قدمته، وقال البيهقيّ: دخوله كان في حجته، وحديث ابن أبي أوفى في عمرته، فلا معارضة بينهما، وما ذكره من أن دخوله في حجته مردود، وإنما كان في الفتح كما قدمته.

وقال النوويّ في "شرح مسلم": لا خلاف في أن دخوله كان يوم الفتح، ولم يكن في حجة الوداع، ثم قال بعد ذلك: قال العلماء: وسبب عدم دخوله -أي: في عمرته- ما كان في البيت من الأصنام والصُّوَر، ولم يكن المشركون يتركونه ليغيّرها، فلما فتح الله تعالى عليه مكة دخل البيت، وصلى فيه، وأزال الصور قبل دخوله.

قال وليّ الدين رحمه الله: لو كان المعنى ما ذكره لدخل في حجة الوداع، فلعل المعنى الذي أبْديته أوجَه، والله أعلم. انتهى (١).

وقال أبو الوليد الأزرقيّ في "تاريخ مكة": حدّثني جدّي، قال: سمعت سفيان يقول: سمعت غير واحد من أهل العلم يذكرون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما دخل الكعبة مرة واحدة عام الفتح، ثم حجّ فلم يدخلها.

قال الحافظ العراقيّ رحمه الله في "إحياء القلب الميت بدخول البيت": وإنما أريدَ بذلك بعد الهجرة، فأما قبل الهجرة، وهو بمكة، ففي "طبقات ابن سعد" عن عثمان بن طلحة في أثناء قصة أنه -صلى الله عليه وسلم- دخلها، على أن في بعض الروايات أنه دخلها يوم الفتح مرتين، رواه الدارقطنيّ عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، قال: دخل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- البيت، ثم خرج، وبلال خلفه، فقلت لبلال: هل صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: لا، فلما كان من الغد دخل، فسألت بلالًا هل صلى؟ قال: نعم، قال: وقد ورد أيضًا ما يدلّ على أنه دخلها في حجة الوداع، فذكر حديث عائشة -رضي الله عنها- المتقدّم، وفيه: "أني دخلت الكعبة"، وكأن وجه ذلك أن عائشة -رضي الله عنها- إنما كانت معه في حجة الوداع. انتهى.


(١) "طرح التثريب" ٥/ ١٣١ - ١٣٢.