خبرها مقدّمًا، ويجوز العكس (ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ) قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: وكذا قال فيما بعده: "ولم يكن غيره"، هكذا هو في جميع النسخ "غيره" بالغين المعجمة، والياء، قال القاضي عياض: كذا هو في جميع النسخ، قال: وهو تصحيفٌ، وصوابه:"ثم لم تكن عُمْرَةٌ"، بضم العين المهملة، وبالميم، وكان السائل لعروة إنما سأله عن فسخ الحج إلى العمرة، على مذهب من رأى ذلك، واحتج بامر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لهم بذلك في حجة الوداع، فأعلمه عروة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يفعل ذلك بنفسه، ولا من جاء بعده. انتهى كلام القاضي.
وتعقّبه النوويّ، فقال: هذا الذي قاله، من أن قول "غيره" تصحيف، ليس كما قال، بل هو صحيح في الرواية، وصحيح في المعنى؛ لأن قوله:"غيره" يتناول العمرة وغيرها، ويكون تقدير الكلام: ثم حج أبو بكر، فكان أولَ شيء بدأ به الطوافُ بالبيت، ثم لم يكن غيره؛ أي لم يُغَيِّر الحج، ولم ينقله، وينسخه إلى غيره، لا عمرة، ولا قران. انتهى كلام النوويّ (١).
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي حمل عليه القاضي عياض والنوويّ أن معنى قوله: "ولم يكن غيره"، وفي لفظ صوّبه عياض:"ثم لم تكن عمرة" على نفي فسخ الحج إلى العمرة غير صحيح، فإن ذلك سنة ثابتة على ما قاله المحقّقون، وإن خالف الجمهور، وخصّوه بتلك السنة، وإنما مراد عروة هنا بقوله:"ثم لم تكن عمرةٌ"، أو "لم يكن غيره"؛ أي لم يكن الطواف بالبيت إحلالًا من الحجّ؛ يعني أن مجرّد الطواف بالبيت لا ينتهي به الحجّ، بل لا بدّ من إكمال الحجّ على وجهه، أو فسخه إلى العمرة بالطواف والسعي على وجهه أيضًا، وهذا قاله عروة ردًّا على من زعم أن من طاف بالبيت حلّ من إحرامه، كما هو رأي ابن عبّاس -رضي الله عنهما-، فقد تقدّم أنه كان يذهب إلى أن من لم يسق الهدي، وأهلّ بالحج إذا طاف يحلّ من حجه، وأن من أراد أن يستمرّ على حجه لا يَقْرَبُ البيتَ حتى يرجع من عرفة، فتنبّه.
وقال الإمام البخاريّ رَحِمَهُ اللهُ في "صحيحه": "باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته إلخ"، فقال ابن بطال: غرضه بهذه الترجمة الردّ