العراق، قتلوا ابن بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ يعني الحسين، وهم يسألون عن دم البعوض. رواه البخاريّ في "صحيحه" بنحوه.
وفي رواية النسائيّ: عن ابن أبي نُعم: كنت عند ابن عمر، فأتاه رجل، فسأله عن دم البعوض، يكون في ثوبه؛ أيصلي به؟ فقال ابن عمر: ممن أنت؟ قال: من أهل العراق، قال: مَن يَعْذِرُني من هذا؟ يسألني عن دم البعوض، وقد قتلوا ابن بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"هما ريحانتي من الدنيا". انتهى؛ يعني الحسن والحسين.
(قُلْتُ: لَا أَدْرِي، قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ كَذَبَ) أي فيما نسبه إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قد فعل ذلك، وكذا فيما نسبه إلى أسماء والزبير -رضي الله عنهما- (قَدْ حَجَّ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) أي أنشأ الحجّ، وأهلّ به، وقد تقدّم أنه كان قارنًا (فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ -رضي الله عنها- أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، أَنَّهُ تَوَضَّأَ) قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: فيه دليل لإثبات الوضوء للطواف؛ لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فعله، ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: "لتأخذوا عني مناسككم"، وقد أجمعت الأئمة على أنه يُشْرَع الوضوء للطواف، ولكن اختلفوا في أنه واجمث، وشرط لصحته أم لا؟ فقال مالك، والشافعيّ، وأحمدُ والجمهور: هو شرط لصحة الطواف، وقال أبو حنيفة: مستحبّ، ليس بشرط، واحتَجَّ الجمهور بهذا الحديث، ووجه الدلالة أن هذا الحديث مع حديث:"خذوا عني مناسككم" يقتضيان أن الطواف واجبٌ؛ لأن كل ما فعله هو داخل في المناسك، فقد أَمَرَنا بأخذ المناسك، وفي حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- في الترمذيّ وغيره: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال:"الطواف بالبيت صلاةٌ، إلا أن الله أباح فيه الكلام"، ولكن رفعه ضعيفٌ، والصحيح عند الحفاظ أنه موقوف على ابن عباس -رضي الله عنهما-، وتحصل به الدلالة، مع أنه موقوفٌ؛ لأنه قول لصحابي انتشر، وإذا انتشر قول الصحابيّ، بلا مخالفة، كان حجةً على الصحيح. انتهى كلام النوويّ رَحِمَهُ اللهُ (١)، وهو بحث نفيسٌ، والله تعالى أعلم.
(ثُمَّ طَافَ) -صلى الله عليه وسلم- (بِالبَيْتِ، ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ) الصدّيق -رضي الله عنه- (فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ) برفع "الطوافُ" على أنه اسم "كان" مؤخَّرًا، و"أوّلَ"