للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال الشيخ محمد عابد السنديّ في "المواهب اللطيفة": الحاصل أن أبا قتادة - رضي الله عنه - خرج مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من المدينة، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أمره بأخذ الصدقات، وكانت طريقهم متّحدةً، فأحرموا كلّهم غيره بناءً على أنه لم يقصد إذ ذاك مكة، ثم سار مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بناءً على اتّحاد الطريق حتى بلغوا الرَّوْحاءَ، فأُخبروا بالعدوّ، فوجّهه - صلى الله عليه وسلم - مع أصحاب له محرمين، فلمّا أَمِنُوا رجع على حالته التي كان عليها، فساغ له التأخير لذلك. انتهى كلام السنديّ - رحمه الله - (١).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أحسن الأجوبة في ترك أبي قتادة الإحرام أنه كان قبل تحديد المواقيت؛ لأن القصّة كانت عام الحديبية، وتحديد المواقيت كان عام حجة الوداع، كما بيانه في موضعه، فلا استشكال، ولا حاجة إلى هذه الأجوبة المتكلّفة، فتبصّر، والله تعالى وليّ التوفيق.

(حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْقَاحَةِ) قال النوويّ - رحمه الله -: "القاحة" - بالقاف، وبالحاء المهملة المخففة - هذا هو الصواب المعروف في جميع الكتب، والذي قاله العلماء من كل طائفة، قال القاضي: كذا قَيَّدها الناس كلُّهم، قال: ورواه بعضهم عن البخاريّ (٢) بالفاء، وهو وَهْمٌ، والصواب القاف، وهو وادٍ على نحو ميل من السُّقْيَا، وعلى ثلاث مراحل من المدينة. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": "القاحة" - بالقاف، والمهملة -: وادٍ على نحو ميل من السُّقْيَا إلى جهة المدينة، ويقال لواديها: وادي العباديد، وقد بيّن البخاريّ أنها من المدينة على ثلاث؛ أي: ثلاث مراحل، قال القاضي عياض: رواه الناس بالقاف، إلا القابسيّ، فضبطوه عنه بالفاء، وهو تصحيف.

قال الحافظ - رحمه الله -: ووقع عند الْجَوْزقيّ من طريق عبد الرحمن بن بشر، عن سفيان: "بالصِّفَاح" بدل "القاحة"، و"الصِّفَاح" بكسر المهملة، بعدها فاء،


(١) راجع: "المرعاة شرح المشكاة" ٩/ ٣٩٣ - ٣٩٤.
(٢) هكذا في "الإكمال"، و"شرح النوويّ"، وسيأتي عن "الفتح" بلفظ: "عن القابسيّ"، والظاهر أن هذا هو الصواب؛ لأن صاحب "الفتح" أعلم بما وقع عند البخاريّ، فلو كان عنده لتكلّم فيه، والله تعالى أعلم.
(٣) "شرح النوويّ" ٨/ ١٠٧ - ١٠٨.