وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رحمه الله - المذكور أولَ الكتاب قال:
[٢٨٠٥](١١٨٢) - (وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَن ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما -: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَأهْلُ الشَّامِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ". قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ").
رجال هذا الإسناد: أربعة، وقد تقدّم نفس السند في الباب الماضي.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد أنه من رباعيّات المصنّف - رحمه الله -، وهو (١٧٥) من رباعيّات الكتاب.
شرح الحديث:
(عَن ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما -: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ) أي: بعد أن سأله سائل عن محلّ الإهلال، ففي رواية النسائيّ، من طريق الليث، عن نافع:"أن رجلًا قام في المسجد، فقال: يا رسول اللَّه، من أين تأمرنا أن نُهلّ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُهلّ أهل المدينة من ذي الحليفة. . .".
("يُهِلُّ) بضمّ الياء، من الإهلال، يقال: أهلّ المحرم: إذا رفع صوته بالتلبية، وكلّ من رفع صوته، فقد أهلّ إهلالًا، واستَهَلّ استهلالًا، بالبناء للفاعل فيهما. قاله في "المصباح".
وهو خبر بمعنى الأمر؛ لأن خبر الشارع آكد في الطلب من الأمر، والمراد به أنه لا يقدّم الإهلال، ولا يؤخّر عن هذه المواقيت، وبهذا قال بعض أهل العلم، وهو الراجح عندي كما تقدَّم تحقيقه، وقال الجمهور: المراد أنه لا يؤخّر عنها، إذ التقديم عندهم جائز. (أَهْلُ الْمَدِينَةِ) النبويّة، وكذا من مرّ عليها من غير أهلها (مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَأَهْلُ الشَّامِ مِنْ الْجُحْفَةِ، وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ"، قَالَ عَبْدُ اللهِ) بن عمر - رضي الله عنهما - (وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ") وفي رواية سالم التالية: "قال ابن عمر - رضي الله عنهما -: وذُكِر لي، ولم أسمع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"ويهلّ إلخ"، وفي الراوية التي بعدها:"زعموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم أسمع ذلك منه قال: ومُهلّ أهل اليمن يلملم"، ورواية عبد الله بن دينار:"وقال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: وأخبرتُ أنه قال: ويُهلّ. . . إلخ".