للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقوله: (مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ) فيه دلالة على جواز دخول مكة بغير إحرام.

وقوله: (وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ) أي: بين الميقات ومكة.

وقوله: (فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ) أي: فميقاته من حيث أنشأ الإحرام؛ إذ السفر من مكانه إلى مكة، وهذا متفق عليه، إلا ما رُوي عن مجاهد أنه قال: ميقات هؤلاء نفس مكة.

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "فمن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ"؛ أي: من كان منزله دون المواقيت إلى مكة فيحرم من منزله، فخفف عنه الخروج إلى الميقات، وحينئذ يصير منزله ميقاتًا خاصًّا به؛ إذا ابتدأ الإحرام منه، فلو مرَّ من منزله بعد المواقيت بميقات من المواقيت المعينة العامة، وهو يريد الإحرام، وجب عليه أن يحرم منه، ولا يؤخر الإحرام إلى بيته لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "هن لهن، ولكل آت أتى عليهن من غيرهن"، ويخالف هذا من كان ميقاته الجحفة ومرَّ بذي الحليفة؛ فإن له أن يؤخر الإحرام إلى الجحفة؛ لأن الجحفة ميقات منصوب نصبًا عامًا، لا يتبدل، بخلاف المنزل، فإنه إضافي، يتبدل بتبدل الساكن، فانفصلا، والله تعالى أعلم. انتهى (١).

وقوله: (حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ) يجوز في "أهلِ" الرفع والجرّ، كما سبق.

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "حتى أهل مكة من مكة"؛ يعني: أنهم يهلون منها، ولا يخرجون إلى ميقات من المواقيت المذكورة، فأما الإحرام بالحج فيصح من البلد نفسه ومن أي موضع كان من الحل أو الحرم، وأما العمرة فلا بدَّ فيها من الجمع بين الحل والحرم. انتهى (٢).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) "المفهم" ٣/ ٢٦٤ - ٢٦٥.
(٢) "المفهم" ٣/ ٢٦٥.