للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(ثالثها): أن كون رائحة دم الشهيد كرائحة المسك أمر حقيقيّ، وكون رائحة الخلوف أطيب من رائحة المسك أمر حكميّ، له تأويل يصرفه عن ظاهره في أكثر الأقوال المتقدّم بيانها.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: التأويلات التي تقدّم بيانها غير صحيحة، كما تقدم تحقيق ذلك، فلا تغفل.

(رابعها): أنه ورد النهي عن إزالة دم الشهيد مع وجوب إزالة الدم (١)، ومع وجوب غسل الميت، فما اغتفر ترك هذين الواجبين إلا لتحريم إزالته، فلذلك قلنا بتحريمه، ولم يَرِد ذلك في السواك، وإنما قيل بالاستنباط.

(خمامسها): أنه عارض ذلك في خلوف الصائم بقاء الحياة، وهي محلّ التكليف، والعبادات، وملاقاة البشر، فامكن أن يُزال الخلوف لما عارضه، بخلاف دم الشهيد، فإنه بخلاف ذلك. انتهى منقولًا من "طرح التثريب" بتصرف (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الجواب الأول عندي هو الأقرب؛ لظهور حجته، فتامل، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٧٠٧] ( … ) - (وَحَدثنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، عَنْ الْأَعْمَشِ (ح) وَحَدَّثنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنَا جَرِيرٌ، عَن الْأَعْمَشِ (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشجُّ، وَاللَّفْظُ لَهُ، حَدَّثنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِح، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ: إِلَّا الصَّوْمَ،


(١) في وجوب إزالة الدم غير دم الحيض نظر لا يخفى؛ إذ لا دليل على وجوبه، وقد تقدّم تحقيق ذلك في كتاب "الطهارة"، فتفطّن.
(٢) راجع: "طرح التثريب" ٤/ ١٠١، فإنه منقول عنه بتصرّف.