للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(إِنَّكُمْ) التفاتٌ إليهم، متضمن للترحّم عليهم (سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أثَرَةً) - بضم الهمزة، وسكون المثلثة، وبفتحتين، ويجوز كسر أوله، مع الإسكان- هو: أي الانفراد بالشيء المشترَك دون من يَشْرَكه فيه، وفي رواية الزهريّ: "أثرةً شديدةً".

والمعنى: ستلقون بعد موتي استئثارًا صعبًا عليكم، يستأثر عليكم أمراؤكم بأمور الدنيا من المغانم والفيء، ونحوهما، ويفضلون عليكم أنفسهم، أو من هوأدنى إليهم منكم.

(فَاصْبِرُوا) على ذلك الاستئثار (حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ) أي يوم القيامة، وفي رواية الزهريّ: "حتى تلقوا الله ورسوله، فإني على الحوض"؛ أي اصبروا حتى تموتوا، فإنكم ستجدوني عند الحوض، فيحصل لكم الانتصاف ممن ظلمكم، والثواب الجزيل على الصبر، قاله في "العمدة" (١).

وقال القاري: أي فحينئذ يحصل جبر خاطركم المتعطشِ إلى لقائي بسقيكم شَرْبةً لا تظمؤون بعدها أبدًا (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأول): حديث عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٤٤/ ٢٤٤٦] (١٠٦١)، و (البخاريّ) في "المغازي" (٤٣٣٠) و"التمنّي" (٧٢٤٥)، و (أحمد) في "مسنده" (٤/ ٤٢)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٣/ ١٢٥)، والله تعالى أعلم.

وأما فوائد الحديث، فقد تقدّمت في شرح حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- المذكور أول الباب، فراجعها تستفد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) "عمدة القاري" ١٧/ ٣٠٩.
(٢) "مرقاة المفاتيح" ١١/ ٣٦٠.