(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ) -رضي الله عنه- (أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا فَتَحَ حُنَيْنًا، قَسَمَ الْغَنَائِمَ) أي غنائم حنين، وقد تقدّم أنها كانت ستة آلاف من النساء والأطفال، وأربعة وعشرين ألفًا من الإبل، وأربعين ألف شاة (فَأَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ) المراد بالمؤلفة ناسٌ من قريش أسلموا يوم الفتح إسلامًا ضعيفًا، وقيل: كان فيهم من لم يُسلم بعد كصفوان بن أمية.
وقد اختُلِف في المراد بالمؤلفة قلوبهم الذين هم أحد المستحقّين للزكاة، فقيل: كُفّار يُعْطَون ترغيبًا في الإسلام، وقيل: مسلمون لهم أتباع كفّار؛ ليتألفوهم، وقيل: مسلمون أول ما دخلوا في الإسلام؛ ليتمكن الإسلام من قلوبهم.
وأما المراد بالمؤلفة هنا فهذا الأخير؛ لقوله في رواية الزهريّ في الباب:"فإني أعطي رجالًا حديثي عهد بكفر أتألفهم".
ووقع في حديث أنس المتقدّم ذكره في الباب:"لَمّا فُتحت مكة قسم الغنائم في قريش"، والمراد بهم مَن فُتِحت مكة، وهم فيها، وفي رواية له:"فقسم في المهاجرين، والطّلقاء"، والمراد بالطلقاء جمع طَلِيق من حَصَّل من النبيّ -صلى الله عليه وسلم- المنّ عليه يوم فتح مكة من قريش وأتباعهم، والمراد بالمهاجرين من أسلم قبل فتح مكة، وهاجر إلى المدينة، وقد تقدّم سرد أسماء المؤلّفة قلوبهم، في شرح حديث أنس -رضي الله عنه- الماضي، فراجعه تستفد.
(فَبَلَغَهُ أَنَّ الْأَنْصَارَ يُحِبُّونَ أَنْ يُصِيبُوا مَا أَصَابَ النَّاسُ) أي من الغنائم، وفي رواية البخاريّ:"ولم يُعط من الأنصار شيئًا، فكأنهم وَجَدوا؛ إذ لم يُصبهم ما أصاب الناس".
قال في "الفتح": قوله: "ولم يُعْطِ الأنصار شيئًا" ظاهرٌ في أن العطية المذكورة كانت من جميع الغنيمة.
وقال القرطبيّ رحمه الله في "المفهم": واختُلف في هذا العطاء الذي أعطاه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لهؤلاء المؤلّفة قلوبهم، هل كان من الخمس؟ أو كان من صُلب الغنيمة؟، والإجراء على أصول الشريعة أن يكون من الخمس، ومنه كان أكثر عطاياه -صلى الله عليه وسلم-، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- في هذه الغزوة للأعرابيّ: "ما لي مما أفاء الله عليكم