للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال الطيبيّ رحمهُ اللهُ: فيه مبالغة في اعتداد الثواب؛ لأنه إذا اعتُبر ما تستقذره النفوس، وتنفر عنه الطباع، فكيف بغيرها؟، وكذا إذا احتُسب ما لا نيّة له فيه، وقد ورد: "وإنما لكلّ امرئ ما نوى"، فما بال ما إذا قصد الاحتساب فيه، قال ابن الملك: فالحاصل أنه يُجعل لمالكها بجميع حركاتها، وسكناتها، وفَضَلاتها حسنات.

وقال الحافظ: وفيه أن الإنسان يؤجر على التفاصيل التي تقع في فعل الطاعة إذا قصد أصلها، وإن لم يقصد تلك التفاصيل. انتهى (١).

وقال السنديّ رحمهُ اللهُ. وهذا لا يخالف حديث "إنما الأعمال بالنيّات"؛ لأن المفروض وجود النيّة في أصل ربط هذه الفرس، وتلك كافية. انتهى (٢).

(قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ فَالْحُمُرُ؟) بضمّتين: جمع حمار؛ أي: ما حكمها؟، قال الحافظ رحمهُ اللهُ: لم أقف عدى تسمية السائل صريحًا (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِي الْحُمُرِ شَيْءٌ، إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ) الاستثناء مفرّغٌ، واسم الإشارة في محلّ رفع على أنه نائب الفاعل و"أُنزل"، و"الآيةُ" مرفوع على أنه بدل من اسم الإشارة، أو عطف بيان، أو نعت له (الْفَاذَّةُ) بالذال المعجمة المشدّدة: أي: المنفردة في معناها، وقيل: القليلة النظير، وقيل: النادرة الواحدة (الْجَامِعَةُ) أي: العامّة المتناولة لكل خير ومعروف، ومعنى ذلك أنه لم ينزل عليّ فيها نصّ بعينها، ولكن نزلت هذه الآية العامة.

وقال ابن الملك: يعني: أنه ليس في القرآن آية مثلها في قلة الألفاظ، وجمع معاني الخير والشرّ.

وقال الطيبيّ: سُمّيت جامعةً؛ لاشتمال اسم الخير على جميع أنواع الطاعات، فرائضها، ونوافلها، واسم الشرّ على ما يقابلها، من الكفر والمعاصي: صغيرها وكبيرها.

وقال في "الفتح": سمّاها جامعةً لشمولها لجميع الأنواع من طاعة ومعصية، وسمّاها فاذّة؛ لانفرادها في معناها. وقال ابن التين: والمراد أن


(١) راجع: "المرعاة" ٦/ ١٦.
(٢) "شرح السندي" ٦/ ٢١٦ - ٢١٧.