للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقَال الجَوْهَريُّ: عَضِضْتُ باللُّقْمَة، والصَّوابُ غَصِصْتُ، بالغَيْن المُعْجَمَة، وبَصَادَيْن مُهْمَلَتَيْن، ولم يَذْكُرْ قَوْلَ أَبي عُبَيْدَةَ، وكَأن عنده الوَهَمَ في غَصصْت باللُّقْمَة فَقَط، والصَّواب ما نَقَلَه ابنُ بَرّيّ فيما تَقَدَّمَ من القَوْل، فتَأَمّلْ تَرْشُدْ، فالصَّوابُ الَّذي لا مَحيدَ عنه أَنَّهُ من باب سَمِع فَقَط. انتهى كلام محمد المرتضى رحمهُ اللهُ في"شرحه" (١).

فتحَصَّل بما ذُكر أن الصواب أن عضّ، من باب سِمَعَ، لا من باب نفع، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وقوله: (بِأَفْوَاهِهَا) أي: بأسنانها، متعلّقٌ بـ"تعضّه" (كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا) أي: أولى تلك الإبل (رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا) قال النوويّ رحمهُ اللهُ: هكذا هو في جميع الأصول في هذا الموضع، قال القاضي عياض: قالوا: هو تغيير، وتصحيف، وصوابه ما جاء بعده في الحديث الآخر، من رواية سهيل، عن أبيه، وما جاء في حديث المعرور بن سُويد، عن أبي ذَرّ -رضي الله عنه- "كلما مَرّ عليه أخراها، رُدّ عليه أولاها"، وبهذا ينتظم الكلام. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: هكذا صحّت الرواية، فقيل: هو تغيير وقلبٌ في الكلام، وصوابه كما جاء في رواية أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "كلّما مرّ عليه أُخراها رُدّت عليه أُولاها"، قيل: وهكذا يستقيم الكلام؛ لأنه إنما يريد الأول الذي قد مَرّ قبلُ، وأما الآخر فلم يمرّ بعدُ، فلا يقال فيه: "رُدّت".

قال: ويظهر لي أن الرواية الصحيحة ليس فيها تغيير؛ لأن معناها: أنّ أول الماشية كلما وصلت إلى آخر ما تمشي عليه، تلاحقت بها أخراها، ثم إذا أرادت الأولى الرجوع بدأت الأخرى بالرجوع، فعادت الأخرى أولى، حتى تنتهي إلى آخره، وهكذا إلى أن يقضي الله بين العباد، والله تعالى أعلم. انتهى كلام القرطبيّ رحمهُ اللهُ (٣).

وكذا وجّهه الطيبيّ رحمهُ اللهُ، فقال: إنّ المراد أن أولاها إذا مرّت عليه تتابع إلى أن تنتهي إلى الأخرى، ثم ردّت الأخرى من هذه الغاية، وتبعها ما كان


(١) "تاج العروس من جواهر القاموس" ١٨/ ٤٣٢ - ٤٣٣.
(٢) "شرح النووي" ٧/ ٦٥.
(٣) "المفهم" ٣/ ٢٧.