للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال ابن بطّال: يريد حقّ الكَرَم، والمواساة، وشريفِ الأخلاق، لا أن ذلك فرضٌ، قال: وكانت عادة العرب التصدّق باللبن على الماء، فكان الضعفاء يرصدون ذلك منهم، قال: والحقّ حقّان: فرض عين، وغيره، فالحلب من الحقوق التي هي من مكارم الأخلاق.

وقال إسماعيل القاضي: الحقّ المفترض هو الموصوف المحدّد، وقد تحدث أمورٌ لا تُحدّ، فتجب فيها المواساة للضرورة التي تنزل، من ضعيف مضطرّ، أو جائع، أو عار، أو ميت ليس له من يُواريه، فيجب حينئذ على من يمكنه المواساة التي تزول بها الضرورات.

وقال ابن التين: وقيل: كان هذا قبل فرض الزكاة. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ظاهر الحديث يردّ قولَ من قال: إنه من مكارم الأخلاق، وليس من الواجب، وقول من قال بالنسخ، ويدلّ دلالة واضحة لمن يَرَى في المال حقًّا سوى الزكاة على ما سنبيّنه، وهو مذهب غير واحد من التابعين، وهو الحقّ، وسيأتي تحقيق الخلاف في هذا، في المسائل -إن شاء الله تعالى-.

[تنبيه]: قال الحافظ العراقيّ رحمهُ اللهُ: الظاهر أن قوله: "ومن حقها حلبها يوم وردها" مدرج من قول أبي هريرة، قال: وكأن أبا داود أشار إلى ذلك في "سننه" من غير تصريح، فإنه لما ذكر هذه الزيادة رَوَى بعدها من حديث أبي عُمَر الغدانيّ، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نحو هذه القصّة، فقال له -يعني: لأبي هريرة-: فما حقّ الإبل؟، قال: تُعطي الكريمة، وتَمنَح الغزيرة، وتُفقر الظهر، وتُطرِق الفحل، وتَسقي اللبن، قال: ففي هذه الرواية أن هذا من قول أبي هريرة -رضي الله عنه-.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: دعوى الإدراج المذكور عندي محلّ نظر، فإن البخاريّ رحمهُ اللهُ في "صحيحه"، روى الزيادة فقط من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فقال في "كتاب المساقاة" من "صحيحه":

(٢٣٧٨) - حدّثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا محمد بن فُلَيح، قال: حدّثني أبي، عن هلال بن عليّ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة، -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قال: "من حق الإبل، أن تُحْلَب على الماء".