للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الطيبيّ رحمهُ اللهُ: خصّ هذه الأعضاء -أعني الجنب، والجبين، والظهر- لأنه جمع المال، وأمسكه، ولم يصرفه في مصارفه؛ لِيَحْصُلَ به وجاهةٌ عند الناس، وترفّهٌ، وتنعّمٌ في المطاعم والملابس، فيحوي جنبه وظهره المأكولات الهنيّة اللذيذة، فينتفخ، ويقوى منها، وتحويها الثياب الفاخرة، والملابس الناعمة، فيلتذّ جنباه بها، أو لأنه ازْوَرّ عن الفقير في المجلس، وأعرض عنه، وولَّى ظهره، أو لكونها أشرف الأعضاء الظاهرة؛ لاشتمالها على الأعضاء الرئيسيّة التي هي الدماغ، والقلب، والكبد.

وقيل: المراد بها الجهات الأربع التي هي مقاديم البدن، ومآخِره، وجنبتاه. انتهى (١).

(كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ) قال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: كذا رواية السجزيّ، ولكافّة الرواة كلها "رُدّت"، والأول هو الصواب، فتأمّله، فإنه المناسب للمعنى. انتهى (٢).

فيكون المعنى على هذا: كلما بردت تلك الصفائح رُدّت إلى نار جهنّم ليُحمى عليها، ويكون على الثاني: كلما رُدّت تلك الصفائح من بدنه إلى النار، أعيد إليه أشدّ ما كانت، والمراد منه استمرار التعذيب، والله تعالى أعلم.

وقال النوويّ رحمهُ اللهُ: هكذا هو في بعض النسخ: "بَرَدَت" بالباء، وفي بعضها: "رُدّت" بحذف الباء، وبضمّ الراء، وذكر القاضي عياض الروايتين، وقال: الأولى هي الصواب، قال: والثانية رواية الجمهور. انتهى (٣).

وقال الطيبيّ رحمهُ اللهُ: معناه: دوام التعذيب، واستمرار شدّة الحرارة في تلك الصفائح استمرارَها في حديدة مُحماة تُرَدّ إلى الكِير، وتُخرج منها ساعةً، فساعة. انتهى (٤).

وقال ابن الملك: يعني: إذا وصل كيّ هذه الأعضاء إلى آخرها أعيد الكيّ إلى أولها حتى وصل إلى آخرها. انتهى.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٤٧١.
(٢) "المفهم" ٣/ ٢٥.
(٣) "شرح النوويّ" ٧/ ٦٤.
(٤) "الكاشف" ٥/ ١٤٧١.