للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

"ببعض بكاء أهله" على المصاحبة، لا السببيّة، وتخصيص الكافر حينئذ لأنه محلّ الزيادة، قاله السنديّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "حاشية النسائيّ".

وقال القاري - رَحِمَهُ اللهُ -: فيه أن النفي منها - رضي الله عنها - هنا مناقض لما قالت سابقًا من أن الحديث ورد في يهوديّة كانوا يبكون عليها، وهي تُعذّب في قبرها. انتهى.

وقال الحافظ: هذه التأويلات عن عائشة - رضي الله عنها - متخالفة، وفيها إشعار بأنها لَمْ تردّ الحديث بحديث آخر، بل بما استحضرته من معارضة القرآن، قال الداوديّ: رواية ابن عبّاس عن عائشة بيّنت ما نفته عمرة وعروة عنها، إلَّا أنَّها خصّته بالكافر؛ لأنَّها أثبتت أن الميت يزداد عذابًا ببكاء أهله، فأيّ فرق بين أن يزداد بفعل غيره، أو يُعذّب ابتداء. انتهى.

(وَاِنَّ اللهَ لَهُوَ: {أَضْحَكَ وَأَبْكَى} [النجم: ٤٣] أي: إن العَبْرة لا يملكها ابن آدم، ولا تسبب له فيها، فكيف يعاقب عليها، فضلًا عن الميت، وقال الداوديّ: معناه إن الله تعالى أَذِنَ في الجميل من البكاء، فلا يُعذِّب على ما أَذِنَ فيه. انتهى.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - قولها: "والله أضحك وأبكى" حاصل تقرير لنفي ما ذهب إليه ابن عمر - رضي الله عنهما - من أن الميت يُعذّب ببكاء أهله، وذلك أن بكاء الإنسان، وضحكه، وحزنه وسروره من الله تعالى يُظهرها فيه، فلا أثر لها في ذلك. انتهى.

قال في "المرعاة" بعد ذكر قول الطيبيّ هذا ما نصّه: وفيه أن الكلّ من عند الله تعالى خلقًا، ومن العبد كسبًا، كما هو مقرّر، والشرع قد اعتَبَر ما يترتّب عليه من الأثر، كسائر أفعال البشر، إلا ترى أن التبسّم في وجه المؤمن من الحسنات، وعلى المؤمن على وجه السُّخْريّة من السيّئات، وكذا الحزن والسرور تارةً يكونان من الأحوال السنيّة يثاب الشخص بهما، وتارة من الأفعال الدنيئة يعاقب عليهما، كما هو مقرّر في محلّه. انتهى (١).

({أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى})؛ أي: ولا تحمل نفس حاملة ذنبًا ذنب نفس أخرى، وقال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الْوِزْر، والْوِقْرُ أخوان، وَزَرَ الشيءَ:


(١) "المرعاة" ٥/ ٤٩٠.