للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: اختلفَ أهلُ العلمِ في ذلكَ على ثلاثةِ مذاهبَ.

- منهم من ذهبَ إلى الجَمْعِ، وهمُ الجمهورُ، فحملَ أمر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالدعاءِ لهم إلى الثلاث الخِصال على الاستحباب، وحَمَلَ فعلَه على الجواز، والحكمُ عندَهُ أنه لا يَجِبُ تكرارُ الدعوةِ إلى المشركين بعدَ بلوغِها إليهم، ولكنها تستحبُّ (١).

- ومنهم من ذهبَ إلى التعارضِ، فذهب جمهورُهم إلى النسخ، فقال: إنَّ فِعْلَهُ ناسخٌ لقوله، وإن ذلك إنما كانَ في أولِ الإسلامِ قبلَ أن تنتشر الدعوةُ، والحكمُ عندهم: أنه لا يجبُ تكرارُ الدعوةِ، ولا يستحبُّ.

- وذهبَ بعضُهم إلى الترجيح، فرجَّحَ قولَه على فعلهِ - صلى الله عليه وسلم -، فأوجبَ تكرارَ الدعوة (٢).

ولو جُمعَ بين الحديثين بان قولَه في الذين لم يتحققْ منهمُ العِناد، وفِعْلَهُ في الذين قد علمَ منهم مَحْضَ العِناد، لكان أولى وأحسن (٣)، ولم أقفْ عليه لأحدٍ (٤).


= وباع وجامع وفدى وسبى الذرية، ومسلم (١٧٣٠)، كتاب: الجهاد والسير، باب: جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام، عن نافع، عن ابن عمر.
والغازُّ: هو الغافل. "اللسان" (مادة غرر) (٥/ ١٣).
(١) وبه قال نافع والحسن والثوري والليث والشافعي وأبو ثور وابن المنذر. وصححه النووي. انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٢/ ٣٦).
(٢) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٢/ ٣٦).
(٣) وأحسن": ليس في "أ".
(٤) قلت: قد قال الإمام ابن عبد البر بمثل هذا القول. انظر: "التمهيد" له (٢/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>