للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* فإن قال قائل: فما حَدُّ المَرَضِ والسفرِ المُبيحَيْنِ للتيمم؟

قلنا: أما السفرُ، فما يقع عليه اسمُ السفر ممّا يعدمُ فيه الماء كثيراً، وذلك يقعُ على السفرِ القصيرِ، وعلى مسافة العدو (١) (٢) على الصحيحِ عندَ الشافعية (٣).

وأما المرضُ، فيجوزُ أن يُرادَ به عدمُ القُدرةِ على استعمالِ الماء لِخوفِ التلفِ في نفسٍ أو عضوٍ، استدلاً عليه بحكمِ قرينه، وهو السفرُ، فإن الله سبحانه شرطَ فيه عدمَ وجودِ الماء، وعدمُ وجوده هو عدمُ القدرةِ عليه، فكذلك المرضُ لا يتحققُ عدمُ القدرةِ على استعمال الماءِ معه إلا بخوفِ التلفِ (٤).

واستدلالاً بتفسيرِ ابن عباس -رضي الله عنهما - قال: إذا كانتْ بالرجلِ جراحة في سبيلِ الله عزَّ وجَلَّ، أو قُروحٌ، أو جُدَرِيٌّ، فَيُجْنِبُ،


(١) "العَدْو": ليس في "أ".
(٢) قال إمام الحرمين وغيره: هي التي يمكن قطعها في اليوم الواحد ذهاباً ورجوعاً، ومعناه أن يتمكن المبتكر إليها من الرجوع إلى منزله قبل الليل. قال الرافعي: مأخذ لفظها ففي الصحاح: أن العدوى: الاسم من الإعداء وهي المعونة، يقال: أعدى الأمير فلانًا على خصمه: إذا أعانه عليه، والعدوى أيضًا ما يعدي من جرب وغيره، وهي مجاوزته من صاحبه إلى غيره، فقيل لهذه المسافة مسافة العدوى لأن القاضي يعدي من استعدى به على الغائب إليها فيحضره، ويمكن أن يجعل من الأعداء بالمعنى الثاني لسهولة المجاوزة من أحد الموضعين إلى الآخر، هذا كلام الرافعي. انظر: "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (٣/ ١٩٦).
(٣) انظر: "الأم" للشافعي (١/ ٤٥)، و"الشرح الكبير" للرافعي (٢/ ٣٥٢)، و"المحلى" لابن حزم (٢/ ١١٩)، و "المغني" لابن قدامة (١/ ١٤٨).
(٤) انظر: "الأم" للشافعي (١/ ٤٢)، و "مختصر المزني" (١/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>