للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: هذا ليس مَحَلَّ النزاعِ، فإن صورةَ المسألةِ المختَلَفِ فيها إذا روى الصحابيُّ شيئًا على أنه من القرآنِ ثابتٌ غيرُ منسوخٍ؛ كقراءةِ ابنِ مسعود: (فصيامُ ثلاثة أيامٍ متتابعات) (١)، (والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم) (٢).

وأما إذا روى الصحابيُّ أنه كان من القرآن ثم نسخ، فهذا يُقبل فيه خبرُ الواحد؛ لأنه لم ينقلْه على أنه قرآنٌ الآنَ، وإنما نقله على أنه كان قرآنًا، وقد نُسخ، وهذا يُقبل فيه خبرُ الواحد؛ لعدم توفُّر الدواعي من الأمة على نقله، فلا يوقع ريبةً، فيجوز لنا أن نقول: من القرآن شيءٌ نُسخ لفظُه على الجملة لِنَقْلِ أهلِ العلمِ ذلكَ بالتواتُرِ من طريق المعنى، لا من طريقِ اللفظ (٣).

روي عن أنس -رضي الله تعالى عنه-: أنه قال: نزلت (٤) في شأن الذين قُتلوا ببئر معونة: (بَلِّغوا قومَنا أنا قد لقينا رَبَّنا، فرضيَ عنا ورضينا عنه)، قال أنس: فكان ذلك قرآنًا قرأناه (٥).


(١) قرأ بها عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب. انظر: "الكشاف" للزمخشري (١/ ١٢١)، و"معجم القراءات القرآنية" (١/ ١٥٢).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (١٠/ ٢٩٤)، و"معاني القرآن" للفراء (١/ ٣٠٦)، و"الكشاف" للزمخشري (١/ ٣٧٧)، و"تفسير القرطبي" (٦/ ١٦٧)، و"البحر المحيط" لأبي حيان (٣/ ٤٧٦)، وانظر: "معجم القراءات القرآنية" (٢/ ٢٠٨).
(٣) قلت: وهذا تحرير جيد لمحل الخلاف لم أره لغير المؤلف رحمه الله، وفيه قد يتعقب على كلام الحافظ ابن حجر الذي نقلته قريبًا.
(٤) في "ب": "أنزل".
(٥) رواه البخاري (٢٦٥٩)، كتاب: الجهاد والسير، باب: فضل قول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ...}، ومسلم (٦٧٧)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب القنوت في جميع الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>