للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى تفضيلِ الإفراد؛ لفعل رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.

- وذهب أبو حنيفةَ إلى تفضيلِ القِران (١)، وهو قولُ الشافعيِّ - أيضاً -، واختار المُزَنِيُّ (٢).

قال ابنُ عبدِ البَرِّ: ولا خِلافَ بينَ العلماءِ أنَّ التَّمَتعُّ المُرادَ بقولِ اللهِ -تعالى-: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] هو الاعتمار في أشهرِ الحجِّ، والحجُّ من عامِه (٣).

وما أظنُّ (٤) دعواهُ سالمةً، فقدْ كانَ ابنُ الزبير -رضي الله تعالى عنهما - يذهبُ إلى أنَّ التمتعُّ الذي ذكرهُ اللهُ - تعالى - هو تمتعٌّ المُحْصَرِ إذا حبسه العدوُّ حتى ذهبتْ أيامُ الحَجِّ، فيأتي بأفعالِ العُمرة، ثم يتمتعُ بحلِّه، إلى العامِ المقبلِ، ويهدي (٥).


= لابن عبد البر (١١/ ٢٧١)، و "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٧/ ٧٨)، و "المغني" لابن قدامة (٥/ ٨٣).
(١) انظر: "رد المحتار" لابن عابدين (٣/ ٤٩٠). وهو قول الثوري، كما في "المغني" لابن قدامة (٥/ ٨٣). وقول علي بن أبي طالب وجماعة من التابعين، وإسحاق، والمزني، كما في "الاستذكار" (١١/ ١٣٣).
(٢) قلت: الذي في "الحاوي الكبير" للماوردي (٤/ ٤٤) أن للشافعي في ذلك قولين فقط، وليس ثلاثة، وأن القول بتفضيل القران هو قول المزني، وإنما نقل المصنف هذا القول من "شرح مسلم" للنووي (٨/ ١٣٥).
(٣) انظر: "الاستذكار" (٤/ ٩٣)، و "التمهيد" (٨/ ٣٤٢).
قلت: وكأن ابن عبد البر يقصد أن هذا النوع من التمتع المفهوم من هذه الآية متفق عليه بين العلماء، وهناك أنواع أخرى مختلف فيها، هل هي مرادة بالآية أم لا؟ أما هذا النوع فهم متفقون على أنه مراد منها، بدليل أنه ذكر أربعة أنواع للتمتع.
(٤) في "ب" زيادة "أن".
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" (٢/ ٢٤٤)، وابن عبد البر في "التمهيد" (٨/ ٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>