للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأحللتُ، فدلَّ على أن سوقَ الهديِ وحدَهُ سببٌ لمصابرة الإحرام، سواءٌ كانَ بحجٍّ كفعله - صلى الله عليه وسلم -، أو بعمرة كفعلِ بعضِ أصحابه -رضيَ الله تعالى عنهم أجمعين - الذين أرشدهم إلى الإهلالِ بالحج مع العمرة؛ ليحصِّلوا النسُكين المُعَظَّمينِ (١): الحجَّ والعمرة، ولو لم يرشدْهم إلى الإهلالِ بالحج، واقتصروا على العمرةِ، لصحَّتْ لهم دون الحج، ولكان لا يصحُّ لهم الحجُّ الذي هو النسكُ الأعظمُ إلا منْ عام قابل (٢).

وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديثِ عائشةَ -رضيَ اللهُ عنها -: "فليهللْ بالحَجِّ معَ العمرةِ" أمرُ إرشادٍ ليحوزوا فضيلة النُّسكين؛ لأن إحرامه (٣) بالحجِّ علةٌ لمصابرة الإحرامِ؛ بدليل سياق كلامه - صلى الله عليه وسلم -: "من كانَ معه هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بالحَجِّ معَ العمرةِ"، فلو لم يكنِ الهديُ شَرْطاً، لما علق عليه الجواب (٤).

* والمَحِلُّ يقعُ على المكانِ الذي ينزل فيه، ويقعُ على الزمانِ الذي ينزل فيه أيضاً.

١ - فيحتمل أن يكون المرادُ به اسمَ المكان.

بدليلِ قوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٣]، وقوله تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥].


(١) في "ب":"العظيمين".
(٢) قلت: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه في حجة الوداع كانوا على الإحرام بالحج، ثم أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحلوا بعمرة حتى إذا كان يوم التروية لبَّوا بحجة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان قارناً وسائقاً للهدي، فلم يحل، وهناك من أحرم كإحرام النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كعليٍّ رضي الله عنه. ولم يكن فيهم من أحرم بعمرة فقط ثم لم يهل بالحج، فكلام المصنف هنا محمول على أنه لو فرض أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرهم بالحج بعد العمرة حتى خرج وقت الحج، لرجعوا بعمرة فقط دون حج.
(٣) في "ب": "لا إن إحرامهم".
(٤) المراد به: سوق الهدي شرط للبقاء على الإحرام قارناً.

<<  <  ج: ص:  >  >>