للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وبقي مسائلُ تتعلق بشهادة الشهر اختلفَ فيها أهلُ العلم:

المسألة الأولى: من أدركه الشهرُ، وهو مقيم، ثم سافرَ:

- روي عن علي وعائشة وابن عباس وسُويد بن غَفَلة -رضي الله تعالى عنهم-: أنهم قالوا: لا يجوزُ له الفطرُ في بقية الأيام، وبه قال عَبِيدة (١) السَّلْمَانيُّ (٢)؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:١٨٥] أي: كله (٣).

- وذهب أكثرُ الصحابةِ إلى أنه يجوز له أن يُفطر (٤)، ومعنى الآية: فمن شهد منكم الشهرَ كلَّه، فليصمْهُ كُلَّه. أو فمنْ شهدَ منكمُ الشهرَ، فليصمْ ما شهدَ منه، فلا تقييد في الآية، والدليلُ على ذلكَ من السنَّةِ: ما روى ابنُ عبّاسٍ -رضيَ اللهُ تَعَالى عَنْهما-: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خرجَ إلى مكةَ عامَ الفتح في رمضانَ، فصامَ حتى بلغَ الكَدِيدَ، ثم أفطرَ، وأفطرَ الناسُ معه، وكانوا يأخذُون بالأَحْدَثِ فالأَحْدَثِ من فِعْلِ رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - (٥).

الثانية: من أصبح صائماً، ثم سافر:

- قالَ أكثرُ أهلِ العلمِ: لا يجوزُ له أن يفطرَ في هذا اليوم؛ لأنه اجتمع ما يوجب الرُّخْصَةَ وما يوجبُ العزيمةَ، فغلبتِ العزيمةُ، ولأنَّ الأصولَ


(١) في "ب": "أبو عبيدة"، وهو خطأ.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (٢/ ١٤٦)، و"معالم التنزيل" للبغوي (١/ ٢١٧)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ١١٨)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٢٧٩)، و"البيان" للعمراني (٣/ ٤٧٠)، و"المغني" لابن قدامة (٤/ ٣٤٥).
(٣) انظر أثر علي، وعائشة، وابن عباس، وعَبيدة السَّلْماني في "تفسير الطبري" (٢/ ١٤٦ - ١٤٧).
(٤) وهو قول عامة أهل العلم. انظر المصادر السابقة.
(٥) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>