للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحفوظِ إلى سماءِ الدنيا جملةً واحدةً، ثم أنزلهَ على محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - إلى الدنيا نُجوماً (١).

الجملة الثانية: قولهُ تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥].

أوجب بها علينا صوم شهر رمضان، وحَتَّمَهُ على من شَهِدَ الشهرَ، والشهودُ هنا هو العلمُ والحُضور، وذلك يحصل إما برؤيةِ الصائمِ وحدَه، وإما برؤيةِ غيرِه.

* أما رؤيتهُ وحدَهُ، فموجبةٌ للصيام في حقِّهِ؛ خلافاً لعطاءِ بنِ أبي رباح وإسحاق؛ فإنه حُكِيَ عنهما أنهما قالا: لا يصومُ إلا برؤيةِ غيرِهِ معه (٢)، وهما محجوجان بنصِّ القرآن.

- ثم اختلفوا، هل يفطر وحده إذا رأى هِلال شَوّال؟ فقال الشافعيُّ: يُفْطِرُ، ولْيُخْفِ فِطْرَهُ، ولا يُعَرِّضْ نفسَهُ لعقوبة السلطان (٣).

وقال مالك: لا يفطر، سداً للذَّريعةِ؛ لئلاً يقول له (٤) مَنْ لا أمانةَ له (٥): رأيتُ الهلالَ.


(١) انظر: "تفسير الطبري" (٢/ ١٤٤)، و"معالم التنزيل" للبغوي (١/ ٢١٦)، و"تفسير الرازي" (٣/ ٩٢)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (١/ ١٧٠)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٢٧٧)، و"تفسير ابن كثير" (١/ ٣٨٠)، و"الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي (١/ ١١٦).
(٢) انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٢٠٨) وفيه: أن هذا هو قول عطاء بن أبي رباح وحده. وانظر المسألة في: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ١١٩)، و"تفسير الرازي" (٣/ ٩٧)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٢٧٤)، و"رد المحتار" لابن عابدين (٣/ ٣١٣)، و"الذخيرة" للقرافي (٢/ ٤٨٨)، و"المجموع" للنووي (٦/ ٢٩٠)، و"المغني" لابن قدامة (٤/ ٤١٦).
(٣) انظر: "المجموع في شرح المهذب" للنووي (٦/ ٢٩٠).
(٤) في "أ": "لئلا بعد ليلٍ يقول".
(٥) في "ب" زيادة "لقد".

<<  <  ج: ص:  >  >>