للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السُّنة الثانية: تقديم النساء والضَّعَفة من مزدلفة إلى مِنًى.

قال ابن قُدامة: وَالْمُسْتَحَبُّ الِاقْتِدَاءُ بِرَسُولِ اللَّهِ فِي الْمَبِيتِ إلَى أَنْ يُصْبِحَ، ثُمَّ يَقِفُ حَتَّى يُسْفِرَ. وَلَا بَأْسَ بِتَقْدِيمِ الضَّعَفَةِ وَالنِّسَاءِ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا. وَلِأَنَّ فِيهِ رِفْقًا بِهِمْ وَدَفْعًا لِمَشَقَّةِ الزِّحَامِ عَنْهُمْ، وَاقْتِدَاءً بِفِعْلِ نَبِيِّهِمْ (١).

السُّنتان الثالثة والرابعة:

صلاة الفجر بمزدلفة في أول وقتها، والدعاء بعدها.

يُسَن للحاج بعد بياته بمزدلفة أن يصلي صلاة الفجر في أول وقتها، ويقف يدعو الله ﷿. وهذا مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة (٢).

قال جابر: «حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللهِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، وَصَلَّى الْفَجْرَ، حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ، بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ».

ولكن يشكل عليه ما ورد عنِ ابن مسعود قال: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى صَلَاةً بِغَيْرِ مِيقَاتِهَا، إِلَّا صَلَاتَيْنِ: جَمَعَ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ، وَصَلَّى الفَجْرَ قَبْلَ مِيقَاتِهَا (٣).

فالمعنى أن رسول الله صلى الفجر قبل الوقت المعتاد، أي: في أول وقتها بعد طلوع الفجر، حيث إنه كان يتأخر بين الأذان والإقامة، أما في مزدلفة، فالوقت بين الأذان والإقامة يسير، حتى يتسع الوقت للدعاء، ويَدفع إلى مِنًى للرمي قبل طلوع الشمس (٤).


(١) «المغني» (٥/ ٢٨٦).
(٢) «المبسوط» (٤/ ٣٣)، و «الكافي» (١/ ٣٧٤)، و «المجموع» (٨/ ١٢٥)، و «المغني» (٥/ ٢٨٦).
(٣) أخرجه البخاري (١٦٨٢).
(٤) قال النووي: صلى الفجر يومئذٍ قبل وقتها المعتاد بعد تحقق طلوع الفجر، لا قبل طلوع الفجر؛ لأن ذلك ليس بجائز بإجماع المسلمين. «شرح مسلم» (٩/ ٣٧).
وقال ابن القيم: فلما طلع الفجر صلاها في أول الوقت، لا قبله قطعًا. «زاد المعاد» (٢/ ٢٣٣).

<<  <   >  >>