للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الخامس: أنه يَجمع بين المغرب والعشاء بأذانين وإقامتين. وهو قول مالك (١).

واستَدل مالك بما روى البخاري: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ يَقُولُ: حَجَّ ابْنُ مَسْعُودٍ ، فَأَتَيْنَا المُزْدَلِفَةَ حِينَ الأَذَانِ بِالعَتَمَةِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَ رَجُلًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ، وَصَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَعَا بِعَشَائِهِ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَمَرَ- أُرَى: فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، قَالَ عَمْرٌو: لَا أَعْلَمُ الشَّكَّ إِلَّا مِنْ زُهَيْرٍ- ثُمَّ صَلَّى العِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ (٢).

وَجْه الدلالة: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِكُلٍّ مِنَ الصَّلَاتَيْنِ إِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا، قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَمْ نَجِدْهُ مَرْوِيًّا عَنِ النَّبِيِّ ، وَلَوْ ثَبَتَ عَنْهُ لَقُلْتُ بِهِ (٣).

ونوقش بما قاله ابن عبد البر: لَا أَعْلَمُ فِيمَا قَالَهُ مَالِكٌ حَدِيثًا مَرْفُوعًا (٤).

القول السادس: أنه يَجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة من غير أذان ولا إقامة.

واستَدل لذلك بما رُوي عن ابن سيرين قال: صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ بِجَمْعٍ الْمَغْرِبَ، بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ، ثُمَّ الْعِشَاءَ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ (٥).

والراجح: أنه يَجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة بإقامتين بلا أذان، والله أعلم.


=
وخالف هولاء الضعفاء: القطان عند البخاري (١٦٧٤)، ومسلم (١٢٨٧)، وشُعبة عند أحمد (٢٣٥٤٩)، وحماد بن زيد ومِسعر، كلاهما عند الطبراني (٣٨٦٢)، (٣٨٦٦) أربعتهم: عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ جَمَعَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ المَغْرِبَ وَالعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ.
قال ابن عبد البر: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِجَمْعٍ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ فِيهِ: (بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ) لِأَنَّ مَالِكًا وَغَيْرَهُ مِنَ الْحُفَّاظِ لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ فِيهِ. «التمهيد» (٩/ ٢٦٥).
(١) «شرح الزرقاني» (٢/ ٤٧٩).
(٢) أخرجه البخاري (١٦٧٥).
(٣) «فتح الباري» (٣/ ٥٢٥).
(٤) «المغني» (٥/ ٢٨٠).
(٥) «المُحَلَّى» (٥/ ١٢١).

<<  <   >  >>