للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبه قال زُفَر والطحاوي من الحنفية، وابن المَاجِشُون من المالكية، وهذا مذهب الشافعي في القديم، والحنابلة في المشهور عنهم، وابن حزم (١).

واستدلوا بالسُّنة والقياس:

أما السُّنة، فقد روى مسلم عن جابر في حديثه الطويل: «حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ» (٢).

ونوقش بأن هذا القَدْر منتقد على مسلم، والصحيح فيه الإرسال.

وأما دليلهم من القياس، فكما أنه يُجْمَع في عرفة بين الظُّهر والعصر بأذان وإقامتين، فكذا يُجْمَع في مزدلفة بين المغرب والعشاء (٣).

ونوقش بما قاله قال ابن قُدامة: وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَذِّنْ لِلْأُولَى هَاهُنَا؛ لِأَنَّهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا، بِخِلَافِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ بِعَرَفَةَ (٤).


(١) «الحاوي» (٤/ ٤٣٣)، و «كشاف القناع» (٢/ ٤٩١)، و «شرح معاني الآثار» (٢/ ٢١٤)، و «التمهيد» (٩/ ٢٦٦)، و «المُحَلَّى» (٥/ ١٢٤).
(٢) ومدار هذا الحديث على جعفر بن محمد عن أبيه، واختُلف على جعفر على الوصل والإرسال:
فرواه حاتم بن إسماعيل عن جابر على الاتصال عند مسلم، وتابعه حفص بن غِيَاث عن جعفر على الاتصال عند أبي يعلى (٢١٨٨)، وابن خُزيمة (٤/ ٢٥٢)، والبيهقي (١٨٩٨).
وخالفهما سليمان بن بلال وعبد الوهاب الثقفي، فروياه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن النبي مرسلًا. أخرجه أحمد في «مسائله، رواية أبي داود» (٧٨٢)، وأبو داود (١٨٩٧).
وقد رَجَّح الإمام أحمد وأبو داود المرسل، قال أبو داود: قال لي أحمد: أخطأ حاتم في هذا الحديث الطويل. «سُنن أبي داود» (٤/ ٢٩)، فمراد أحمد أن حاتمًا أخطأ في وصل هذا القَدْر، وإنما هو مرسل.
وقال ابن المديني: روى عن جعفر عن أبيه أحاديث مراسيل أسندها. «تهذيب التهذيب» (٢/ ١٢٩).
وظاهر صنيع مسلم وابن خُزيمة وابن حِبان ترجيح الوصل على الإرسال؛ إذ خَرَّجُوا الحديث الطويل في الصحيح منه هذا القَدْر.
وقد رَجَّح البيهقي المتصل، فقال: «وَحَاتِمُ حُجَّةٌ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ أَحْسَنَ سِيَاقَةٍ، وَقَدْ تَابَعَهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ». «معرفة السُّنن» (٢/ ٢٣٦).
وقد قيل: إن هذا القَدْر مُدْرَج، وليس من قول جابر. قال البيهقي في «السُّنن الكبرى» (٣/ ١٢٤): «رواه مُسْلِمٌ فِي «الصَّحِيحِ» عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ مُدْرَجًا».
(٣) قال ابن القيم: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ، كَمَا فَعَلَ بِعَرَفَةَ. «زاد المعاد» (٢/ ٢٢٨).
(٤) «المغني» (٥/ ٢٨٠).

<<  <   >  >>