للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هل كان ستًّا، فإنه يَبني على غالب ظنه. وهذا رواية عن أحمد، واختيار ابن تيمية (١).

واستُدل لهذا القول بما ورد في عن ابن مسعود قال: قال رسول الله : «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ، ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» (٢).

والراجح: أنه إذا شك هل هذا هو الشوط السادس أو السابع؟ فإنه يَعمل باليقين فيأخذ بالأقل ثم يَبني عليه.

الشرط السادس: الموالاة بين الأشواط:

أَجْمَع العلماء على أنه يجوز قطع الطواف لصلاة الفريضة (٣).

واختلفوا في اشتراط الموالاة بين الأشواط على قولين:

القول الأول: أنه تُشترَط الموالاة لصحة الطواف، إلا إذا كان القطع يسيرًا لحاجة، كالقعود اليسير أثناء الطواف للاستراحة، أو حضور صلاة، فله أن يصلي ثم يُكْمِل الطواف. وأما مَنْ طاف شوطًا، ثم ذهب فتَعَشَّى أو جلس ساعة، أعاد وابتدأ من جديد.

وبه قال المالكية، وهو رواية عند الشافعية، والصحيح من مذهب الحنابلة.

واستدلوا بأن النبي والى في طوافه، وقال: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ».

القول الآخَر: أنه لا تُشترَط الموالاة بين الأشواط، وأن الموالاة سُنة، فلو قَطَع الأشواط لغير عذر، فنام ساعة أو تَعَشَّى، ثم أكمل الباقي؛ كُرِه له ذلك وصح طوافه. وبه قال أبو حنيفة، والشافعي في الجديد، وأحمد في رواية (٤).

واستدلوا بالقرآن والسُّنة والمأثور:

أما القرآن، فاستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩] فالله


(١) «المغني» (٢/ ٤٠٦).
(٢) أخرجه البخاري (٤٠١).
(٣) فذهب الشافعية والحنابلة إلى جواز قطع الطواف لصلاة الجنازة، ويَبني على طوافه. كما في «المجموع» (٨/ ٤٧)، و «المغني» (٣/ ٣١٧).
وذهب مالك إلى أنه لا يَجوز الطواف لأي صلاة غير مفروضة كصلاة الجنازة، وإِنْ قَطَعه لغير الفريضة استأنف الطواف من أول أشواطه. «المدونة» (١/ ٣١٧).
والراجح: أنه يَجوز قطع الطواف لصلاة الجنازة، ويَبني على طوافه.
(٤) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٣٠)، و «المجموع» (٨/ ٤٧)، و «الإنصاف» (٤/ ١٧).

<<  <   >  >>