للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بحديث أَبِي ذَرٍّ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ وَقَدْ أَجْنَبَ، فَدَعَا النَّبِيُّ بِمَاءٍ، فَاسْتَتَرَ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ : «إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ خَيْرٌ». فالتيمم وضوء المسلم إن لم يجد الماء، فإذا وجد الماء قبل الصلاة أو أثناء الصلاة بطل التيمم.

القول الثانى: وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ تَيَمَّمَ حِينَ لَمْ يَجِدْ مَاءً، فَقَامَ وَكَبَّرَ وَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، فَطَلَعَ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ مَعَهُ مَاءٌ؟ قَالَ: لَا يَقْطَعُ صَلَاتَهُ، بَلْ يُتِمُّهَا بِالتَّيَمُّمِ، وَلْيَتَوَضَّأْ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِنَ الصَّلَوَاتِ (١).

والراجح: أنه يخرج من الصلاة ويتوضأ ويصلي، وهذا أبرأ للذمة وأحوط للدين.

[المبحث الثالث: إذا وجد المتيمم الماء بعد الفراغ من الصلاة.]

لا بد أن نفرق بين حالين:

الحال الأول: إذا تيمم وصلى وخرج وقت الصلاة ثم وجد الماء، فلا إعادة عليه بالإجماع.

قال ابن المنذر: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَيَمَّمَ صَعِيدًا طَيِّبًا كَمَا أَمَرَ اللهُ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، لَا إِعَادَةَ عَلَيْه (٢).

الحال الثاني: إذا تيمم وصلى ثم وجد الماء قبل خروج وقت الصلاة، فلا إعادة عليه على قول جمهور العلماء (٣)، واستدلوا بالماثوروالمعقول:

أما بالمأثور فصح أَنَّ ابْنَ عُمَرَ تَيَمَّمَ وَصَلَّى الْعَصْرَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ مِيلٌ أَوْ مِيلَانِ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فَلَمْ يُعِدْ (٤).

وأما بالمعقول فهو أن من طلب الماء ثم لم يجده ثم تيمم وصلى فقد فعل ما أُمر به، ولا إعادة عليه


(١) «الموطأ» (١/ ٥٥).
(٢) «الأوسط» (٢/ ٦٣).
(٣) «المبسوط» (١/ ١١٠)، و «المدونة» (١/ ٤٥)، و «الفروع» (١/ ٢٣٢).
(٤) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (٨٨٤).

<<  <   >  >>