٤ - ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)﴾ [آل عمران: ١٨].
* هذهِ أجلُّ الشهاداتِ على الإطلاقِ؛ فإنها صدرَتْ من الملكِ العظيمِ، ومن ملائكتهِ وأنبيائهِ وأهلِ العلمِ، على أجلِّ مشهودٍ عليهِ، وهوَ توحيدُ اللهِ وقيامهُ بالقسطِ، وذلكَ يتضمنُ الشهادةَ على جميعِ أحكامِ الشرعِ وأحكامِ الجزاءِ؛ فإنَّ الدينَ أصلهُ وقاعدتهُ توحيدُ اللهِ، وإفرادهُ بالعبادةِ، والاعترافُ بانفرادهِ بصفاتِ العظمةِ والكبرياءِ والمجدِ والعزِّ والجلالِ، وبنعوتِ الجودِ والبرِّ والرحمةِ والإحسانِ والجمالِ، وبكمالهِ المطلقِ الذي لا يحصِي أحدٌ من الخلقِ أنْ يحيطوا بشيءٍ منهُ، أو يَبْلغوهُ، أو يصلوا إلى الثناءِ عليهِ، بلْ هوَ كما أثنَى على نفسهِ، وفوقَ ما يُثني عليهِ عبادُهُ.
* وأمَّا (القِسْط): فهوَ العدلُ الكاملُ، واللهُ تعالى هوَ القائمُ بالعدلِ في شرعهِ وخلقهِ وجزائهِ؛ فإنَّ العباداتِ الشرعيةَ والمعاملاتِ وتوابعَها والأمرَ والنهيَ كلَّهُ عدلٌ وقسطٌ، لا ظلمَ فيه بوجهٍ من الوجوهِ، بلْ هوَ في غايةِ الإحكامِ والانتظامِ، وفي غايةِ الحكمةِ.
والجزاءُ على الأعمالِ كلُّهُ دائرٌ بينَ فضلِ اللهِ وإحسانهِ على الموحدينَ المؤمنينَ بهِ، وبينَ عدلِهِ في عقوبةِ الكافرينَ والعاصينَ، فإنهُ لم يهضِمْهم شيئًا من حسناتِهم، ولم يعذِّبْهم بغيرِ ما كسبوا، ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤].
* قال تعالى: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ﴾ [الأنعام: ١٩]، فتوحيدُ اللهِ ودينهُ قدْ ثبتَ ثبوتًا لا ريبَ فيه، وهوَ أعظمُ الحقائقِ وأوضحُها، وقدْ شهدَ اللهُ لهُ بذلكَ بما أقامَ من الآياتِ والبراهينِ والحججِ المتنوعةِ عليهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute